أنسام صيفية

في أعياد الميلاد

 

حين تحتفل أقطار المسيحين في بلاد الغرب أو الشرق أو أي مكان آخر تنهض الدنيا كلها هناك كي ترقص و تغني و تتزين ، في حين يمر عيد ميلاد الرسول المسلم فيكتفي المسلمون بالصلاة و تزين واجهات المساجد و هكذا تكاد الدنيا لا تشعر بهذه المناسبة الكريمة الغالية .

لبثت طويلا أفكر في هذا الموضوع و أحاول فهمه فلم أستطع !.

المسيحيون يعبرون عن المناسبة بطقوس الفرح و التقديس بينما المسلمون يعبرون بطقوس العبادة وحدها و بعض مجالس الإنشاد الديني في أماكن محددة .

المسيحيون يرقصون ، و يصفقون ، و يعزفون ، و يغنون في بيوتهم كما في ساحات و شوارع مدنهم و قراهم ، و المسلمون يكتفون بالصلاة ، و بعض الأناشيد الجماعية .

في البلاد المسيحية تقوم الدنيا و لا تقعد في تلك المناسبة و في البلاد المسلمة تمر المناسبة و كأن دنياهم  لا تشعر بما حدث ، و يحدث .

لم أصل في تفكيري إلا بأن أفهم هذه الظاهرة على أن المسيحيين مرحون جدا و أن المسلمين جادون رصينون حتى في مناسبات الفرح، غير أن المسألة لا تفسر فعلا بهذا الرأي وحده لكأن المسألة هي تعبير مفصل لدى المسيحين و موجز لدى المسلمين عامر بطقوس الفرح هناك و كثير من الوقار و الجد عند المسلمين لكأن الطائفة المسيحية تعبر عن إنتصار في حين تبدو الطائفة الإسلامية كمن يعبر عن فقدان ، و بهذا المعنى تبدو الطائفة الأولى كمن يقول بصوت عال :لقد إنتصرنا .. في حين يقول المسلمون :لقد فقدنا النصر ، و ها نحن نعاني بعد أن كنا في قيادة العالم ، و أننا الأن حين نسترجع التاريخ لا نتذكر إلا أيام الهزيمة ، في حين يصيح المسيحيون : لقد استطعنا أن نفوز في السباق الحضاري العالمي و من يفوز بمركز القيادة في هذا السباق لا يذكر في مناسبات الميلاد الدينية إلا رنين النصر و موسيقاه الصداحة و أناشيده العالية هذا هو إذن عيد الميلاد هنا ، و عيد الميلاد هناك و ما علينا إلا أن نراجع تصرفاتنا في تلك المناسبة الغالية كي نبدأ تفكيرا آخر ، بذكرنا أننا صنعنا للتاريخ البشري صفحات ناصعة ما تزال مضيئة حتى الأن ، و في إمكاننا أن نصنع مثيلا لها لو اعترفنا بأن التاريخ لا يبتسم دوما لقوم و يعبس لأخرين و أن هذا التاريخ ليس حكرا على قوم دون قوم ما دامت الارادة البشرية حاضرة و نشيطة .

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى