جاء الحادث الذي أودى بحياة الرئيس الإيراني ومرافقيه ليغطي على مخرجات القمة العربية وعلى طلب الجنائية الدولية (إصدار مذكرات اعتقال) بحق قادة إسرائيل وحماس.
كما طغى هذا الحادث على تطورات الحرب على غزة، وعلى تفاعلات الصراع السياسي بين نتنياهو ومؤيديه من جهة، وبين غانتس والمحتشدين وراءه من جهة أخرى. وباختصار تبدو النار تشتد في المنطقة لإنضاج أمر ما قد يكون تسوية تفضي الى استقرار بعد مؤتمر سلام، أو قد يؤدي إلى تصاعد متفجر وصراع مستدام.
حظي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بعطف وتقدير إقليمي ودولي عقبة مقتله في حادث الطائرة. وهذه العاطفة والتقدير مناقضان في أغلبهما لما كان يوصف به أثناء حياته. وبعد الغموض المريب حول الحادث الذي اودى بالرئيس الإيراني ووزير خارجيته، نجد أنفسنا أمام وضوح مرجح لاستمرار إيران في مسارها والسياسات الدولية والإقليمية. ويبدو أن سؤال توقيت الحادث والتغيب، سواء أكان من فعل القدر أو الطقس أو الخلل الفني، أم بفعل مدبر خارجي إسرائيلي، أو داخلي متآمر، سيبقى رهنا بالقادم تماما كسياسات إيران تجاه المنطقة والعالم.
كانت قمة البحرين (قمة الإجماع العربي)، وأبرز ما نتج عنها كان (الدعوة لمؤتمر سلام) من أجل إنجاز تسوية شاملة في المنطقة، تؤدي لاستقرارها وتتيح الفرصة للانتقال إلى (مسار التنمية) بعيدا عن (مسار الحروب). فهل تلتقي الدعوة العربية إلى مؤتمر سلام مع دعوات دولية سابقة لمثل هذا المؤتمر؟؟ وهل تشاور من طرح هذه الدعوة من العرب مع واشنطن؟؟؟ أم أنها طروحات إنشائية ورغبات تبحث عن قوة لتحقيقها؟؟؟
جاءت المهلة -الإنذار التي أعطاها جانتس لنتنياهو, حتى الثامن من الشهر القادم, لوضع “إستراتيجية شاملة جريئة” وتحقق أهداف إسرائيل بالقضاء على حماس، واستعادة الأسرى، وإقامة إدارة فلسطينية غير حماس أو عباس. جاءت هذه المهلة- الإنذار كإعلان عن مرحلة جديدة من الحرب على غزة وهي مرحلة يفضلها الإعلام، بينما من يدرس خطاب جانتس يجد أن مطلبه يقوم على حسم أقوى ضد الفلسطينيين ويستند إلى سماه بـ (جرأة القرار). وهي جرأة القضاء على فصائل المقاومة ورفض أي إدارة من حماس أو عباس. أي أن الحرب مستمرة والكارثة متمادية، وبايدن مصرعلى دعم إسرائيل دائما.
أما طلب المحكمة الجنائية بإصدار مذكرات اعتقال ضد قادة إسرائيل وحماس، فقد هاجمه بايدن معللاً أن إسرائيل (تدافع عن نفسها) وأن واشنطن ستساعدها دائماً، وأوضح مايك جونسون رئيس البرلمان الأمريكي أن المشرعين الأمريكيين يعملون على إصدار عقوبات ضد الجنائية الدولية لأنها تعدت على إسرائيل. من جهة أخرى فإنها حماس رأت أن قرار الجنائية يساوي بين الضحية والجلاد، وأن على مذكرات الاعتقال أن تشمل قادة إسرائيل الباقين. فهل من مكان للقانون الدولي الجنائي أو غير الجنائي في ساحة الحرب التي تشنها الهمجية الصهيونية؟؟ وهل يمكن للجنائية الدولية إنصاف الفلسطينيين العزل، الذين تحرقهم الحرب وتهجرهم وتشردهم وتجوعهم؟؟؟
المشهد في المنطقة معبر عن جوهر ما تتعرض له. حادث يضيع الفاعل المسبب له بين الطقس والخلل الفني والمؤامرة. وقمة عربية تدعو لمؤتمر سلام لا نعرف فواعله وحوامله. وتسابق إسرائيلي صهيوني بين غانتس و نتنياهو على مقدار وشمول حرق غزة والقضية الفلسطينية، ومذكرات اعتقال جنائية لا تجد من ينفذها وربما لا يبقى منها إلا معانيها القانونية للمجادلين والقانونيون والباحثين. ألم نقل أن المنطقة ربما تكون على نار ستنضج سلامه أو ستحرقها بحربها المستدامة!!!
بوابة الشرق الوسط الجديدة