«مهرجان دبي السينمائي».. السينما العربية أكثر حضوراً
مساء أمس الأربعاء، افتُتحت الدورة الـ 11 لـ«مهرجان دبي السينمائي الدولي». اختير «نظرية كل شيء» للبريطاني جيمس مارش: فصول من سيرة عالم الفيزياء الأشهر في العصر الراهن ستيفن هوكينغ، وتحديداً قصّة حبّه الطالبة جين وايلد. فيلم مقتبس من مذكرات الطالبة التي باتت زوجة الرجل المُقعد و»العبقريّ»، وهو بعنوان: «السفر إلى اللانهاية: حياتي مع ستيفن». البرمجة هذا العام مختلفة. المسابقات أقلّ عدداً من الدورات السابقة. أُلغيت مسابقة الأفلام الآسيوية ـ الأفريقية. «المهر العربي» غائبٌ كإسم للمسابقة، لكنه موجود باسم «المهر الطويل» و»المهر القصير» و»ليال عربية». التغيير ضرورة ملحّة، شرط أن يدفع المهرجان خطوة واحدة على الأقلّ إلى الأمام. عبد الحميد جمعة (رئيس المهرجان) يقول إن التغيير ليس مشكلة. يقول إن المهرجان «يُغامر في أمور»، وإنه «يبدأ تجارب ويُنهيها ليبدأ أخرى». يُشدّد على أنه منذ البداية «تشعّبنا كثيراً، وأخذنا على عاتقنا مسؤوليات كثيرة أكبر من حجم مهرجان واحد». يُضيف أنه بوجود «دبي للاستديوهات» و»لجنة الأفلام»، بات هناك شركاء «يقومون بعملهم، ونحن بوسعنا أن ندخل إلى مناطق جديدة ونجرّب فيها». مسعود أمرالله آل علي (المدير الفني للمهرجان) يقول إن هذه الدورة «جديدة شكلاً ومضموناً وتوجّهاً». يقول إن إدارة المهرجان راغبة في أن تكون الدورة الـ 11 «مكثّفة وسلسة وسهلة لخدمة قطاعات وشرائح مختلفة من المجتمع السينمائي». يُضيف أنه بعد 10 أعوام «من مراقبة السوق السينمائية، خاصة في الوطن العربي، ارتأينا أن نُجدّد أفكار بعض البرامج والأنشطة المُصاحبة للمهرجان، لعلّها تكون إضافة للمُنجز السينمائي في أوطاننا».
التحدّي كبير، كذاك الحاصل لحظة التأسيس. الأعوام العشرة لا تعني شيئاً كثيراً بالنسبة إلى عمر المهرجانات، لكنها مهمّة كمحطة تأمّل وتفكير بالمقبل من الدورات، وأيضاً ـ بل أساساً وأولاً ـ كلحظة مراجعة نقدية شفّافة للماضي. منذ أسابيع عديدة، تتردّد أقوال مفادها أن المهرجان مُصابٌ بأزمة مالية. تنظيم الدورة الـ 11 ببرامج مختلفة عن الدورات السابقة قد يكون دليلاً على ذلك، كما أنه يُمكن أن يكون دليلاً على ضرورة التغيير، وإن في ظلّ أزمة مالية ما. الانصراف إلى سينما عربية حديثة الإنتاج، والاهتمام بها وبإيجاد صلة تواصل بين صنّاعها والموزّعين، أمران مهمّان لمهرجان يسعى إلى تبديل ايجابيّ لمساراته المقبلة. التخلّي عن سينما آسيوية وأفريقية يصبّ في مصلحة تفعيل الحضور السينمائي العربي. المهرجان راغبٌ في ذلك. إدارته منفتحة على كل جديد ممكن. لم تعد تتشدّد في عملية الاختيار لأنها تريد للأفلام أن تصل إلى عدد أكبر من المُشاهدين. اختيرت أفلامٌ عديدة معروضة سابقاً في مهرجانات مختلفة، خصوصاً في «مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي»، وإن خارج المسابقة. هذا حسنٌ. هناك «من ألف إلى باء» للإماراتي علي مصطفى (افتتاح الدورة الـ8 لمهرجان أبوظبي 2014)، و»الوادي» للّبناني غسان سلهب مثلاً. هذا يُحسب خيراً للمهرجان.
جديد الدورة الـ 11، المنتهية في 17 كانون الأول 2014، كامنٌ أيضاً في عدد من الأفلام الجماعية: «جنود مجهولون» لأحمد عمرو وحمزة خليفة وجابر أبو رحمة ومحمود الهذالين وعدي الخطيب وروان التميمي وسارة دحيدل. «زمن معلّق» لعلاء العلي وأمين نايفة وأسمى غانم وعاصم ناصر وأيمن الأزرق ومهدي فليفل ومهند صلاحات والشقيقَين طرزان وعرب ناصر ويزن الخليلي. «أنا مع العروسة» لأنتونيو أوغليارو وغابرييل دل غراندي وخالد سليمان الناصري. الفيلمان الأولان فلسطينيان. الثالث إيطالي فلسطيني. التحوّل إلى اختبار العمل السينمائي الجماعي في العالم العربي مهمّ. قراءة النتيجة لاحقة للمُشاهدة.
الاطّلاع على كاتالوغ الدورة هذه يُفيد أن الإنتاج العربي، المشترك وغير المشترك، كثيرٌ. هذا يُحرّض على المشاهدة بغرض مواكبة مسار صناعة الأفلام العربية. بعض أسماء المخرجين واعدٌ، انطلاقاً من تجارب سابقة. هذا ليس حكماً، بل انطباعاً ذاتياً. المُشاهدة طريقٌ وحيدة لقول نقدي. تماماً كما أن الأيام السبعة المقبلة كفيلةٌ بالتنبّه لأحوال مهرجان يريد تثبيت حضوره في دبي والإمارات والخليج العربي، كما عربياً وأجنبياً.
صحيفة السفير اللبنانية