موسكو تستعدّ لما بعد الدونباس: التحشيد يتواصل شمالاً
موسكو تستعدّ لما بعد الدونباس: التحشيد يتواصل شمالاً… يسود جبهة الشمال الأوكراني (خاركيف وإيزيوم ومحيطهما) هدوء نسبي، فيما تكثّف الاستخبارات العسكرية الروسية ومجموعات العمليات الخاصة عملها هناك. وهو ما بدأ يثير قلق قيادة أركان القوات المسلحة الأوكرانية، في وقت تواصل فيه موسكو تحشيد قواتها في هذا الاتجاه. وتشير تسريبات القوات الأوكرانية إلى أن نظيرتها الروسية تستعدّ لشنّ هجوم واسع في هذه المنطقة بين 12 و19 نيسان الجاري. وينسحب الهدوء الحذر على الشرق الأوكراني، حيث تواصل القوات الروسية توجيه ضرباتها نحو مراكز تجمُّع القوات الأوكرانية في الدونباس، ما يعني تمهيداً للهجوم الواسع المتوقَّع في عمق المناطق التي تتحصّن فيها القوات الأوكرانية.
وتفيد المعلومات بأن القوات الروسية أنتزعت عملية السيطرة على مرفأ ماريوبول من المسلّحين الأوكرانيين. فبعد فقدان القوات الأوكرانية وميليشيات «آزوف» السيطرة على المباني المرتفعة في هذا المربّع، لم يعد أمامها من حلّ سوى الانسحاب إلى المنطقة الصناعية (مربع مصنع «آزوف ستال» للتعدين)، بعدما باتت منطقة المرفأ مكشوفة أمام المدفعية وسلاحَي الجوّ والمدرّعات الروسيَّين. وأثارت محاولة تهريب شخصيات قيادية من مدينة ماريوبول عبر البحر، اهتماماً كبيراً لجهة معرفة مَن هي الشخصيات التي حاول الدبلوماسيون الأوروبيون والقيادات العسكرية الأوكرانية إخراجها من داخل آخر معاقل المدينة المحاصرة.
وبحسب مصادر أمنية مطّلعة، يبدو أن مَن سعوا إلى الفرار من المدينة، هم قيادة عمليات «الناتو» فيها. ويدور الحديث حول عدد ليس بقليل من ضباط دول «حلف شمال الأطلسي» الذين ساعدوا القوات المسلحة الأوكرانية، بشكل مباشر، في إعاقة تقدُّم القوات الروسية وقوات «دونيتسك الشعبية» في اتجاه المدينة والمحور الجنوبي عموماً. وأعلنت سلطات «دونيتسك الشعبية» أن مجموعات من قوات «آزوف» المتبقّية في مدينة ماريوبول، استولت على سفينتين أجنبيتين، هما: «تساريفنا» و»ليدي أوغستا»، واحتجز المسلّحون طواقم السفينتين كرهائن وأطلقوا قذائف الهاون من عيار 122 ملم من على متنهما. من جهتها، أشارت مصادر الدفاع الروسية إلى أن نظام كييف حاول إجلاء قياديين من كتيبة «آزوف» والمرتزقة الأجانب من مدينة ماريوبول عن طريق البحر، بعدما باءت محاولاتهم تهريب هؤلاء القياديين وضباط المرتزقة جواً، خلال الأيام السابقة، بالفشل.
وفي اتجاه خيرسون ــــ ميكولاييف جنوب أوكرانيا، رُصد عمل مكثّف للاستخبارات العسكرية الروسية، حيث يتكشّف تباعاً وجود خلايا «الدفاع الإرهابي» الأوكرانية، وهي خلايا ومجموعات متطرّفة تحاول إخفاء مواقعها السرّية في المناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية، في انتظار وصول القوات الأوكرانية. وتشير مصادر أمنية مطّلعة إلى أن المشكلة الأكبر بالنسبة إلى نظام كييف، هي وقوع لوائح بأسماء وتشكيلات مجموعات «الدفاع الإرهابي» الأوكرانية بيد الاستخبارات العسكرية الروسية. فالتكتيك الذي تعوّل عليه قيادة الأركان الأوكرانية بعد انهيار جبهات مواقعها المحصّنة، هو «حرب العصابات»، لكن الصيد الروسي الثمين وجّه ضربةً قاصمة لـ»عصابات الحرب الأوكرانية» قبل الشروع في «حربها». وتبيّن المعلومات الواردة في تلك الوثائق السرية مواقع ونقاط تمركز مجموعات «حرب العصابات» الأوكرانية.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية تدمير مقرّ قيادة كتيبة «دنيبرو» التابعة للقوميين الأوكرانيين في بلدة زونيتسوكويه التابعة لمقاطعة دنيبروبيتروفسك في جنوب شرق أوكرانيا، بواسطة صواريخ عالية الدقة. وأشارت المعلومات إلى وصول وحدات مرتزقة أجانب، أخيراً، إلى هذا الموقع. كما أفاد الناطق باسم الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، بأن القوات الروسية دمّرت بصواريخ جو ــــ جو عالية الدقة منصّات إطلاق صواريخ «إس ــــ 300» الموجودة بحوزة القوات المسلحة الأوكرانية في محيط قرية ستاروبوغدانوفكا في مقاطعة ميكولاييف وفي مطار تشوغويف العسكري في ضواحي مدينة خاركيف. وأسقطت وسائل الدفاع الجوي الروسية ثماني طائرات أوكرانية مسيّرة دون طيار، فيما وجّه سلاح الجوّ الروسي ضربات نحو 86 هدفاً عسكرياً أوكرانياً خلال اليوم الماضي، منها مقرّ قيادة ومستودع ذخائر، وثلاث محطّات تخزين وقود، وعدد من راجمات الصواريخ المتعدّدة، و49 موقعاً محصّناً ومحطة لتجمّع الآليات الحربية الأوكرانية.