تل أبيب تُحاول استيعاب الصدمة

رأى المُحلّل العسكريّ، إيتان هابر، الرئيس السابق لديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ في الماضي، يتسحاق رابين، رأى في مقالٍ نشره اليوم الأحد في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أنّ التحوّل الإستراتيجيّ في مسألة إسقاط المُقاتلة الإسرائيليّة من قبل الدفاعات الأرضيّة السوريّة، يكمن في أنّه للمرّة الأولى في تاريخ الدولة العبريّة، أيْ منذ العام 1948، يتّم إسقاط طائرة تابعة لسلاح الجوّ الإسرائيليّ، فوق أراضي دولة الاحتلال، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ تل أبيب لم تتورّط أمس في الحادثة المذكورة، لأنّها مُتورّطة أصلاً، على حدّ تعبيره.

من ناحيته شدّدّ مُحلّل الشؤون العسكريّة في الصحيفة، أليكس فيشمان، على أنّ سوريّة استخدمت لإسقاط المقاتلة الإسرائيليّة صواريخ من طراز “سام 5″، التي تُعتبر بدائيّة، مُقارنة بالدفاعات الأرضيّة والجويّة التي يمتلكها الجيش العربيّ السوريّ، والذي حصل عليها من روسيا، وتساءل: كيف لصاروخ من هذا الطراز الـ”بدائيّ” أنْ يتغلّب على طائرة إف16 الإسرائيليّة، دُرّة التاج لسلاح الجوّ، على حدّ وصفه، وهي المُقاتلة الحربيّة الأكثر تقدّمًا في العالم، وتمتلك منظومات متطورّة للغاية!.

ويُستشّف من مُتابعة الإعلام العبريّ، الذي ينشر طبعًا وفق إملاءات الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة، يُستشّف أنّ إسرائيل ما زالت مصدومةً من إسقاط مقاتلتها فوق أراضيها، وتعمل وسائل الإعلام المُختلفة، على رفع المعنويات لدى الإسرائيليين، بالتشديد على أنّه برغم التصعيد أمس السبت، فقد قام أكثر من مائة ألف مواطن بزيارة المنطقة الشماليّة، أمّا الرسالة الثانية، التي يُحاول الإعلام تمريرها إلى الرأي العّام في الدولة العبريّة فتقول إنّ جميع الأطراف في اللعبة: إسرائيل، سوريّة، حزب الله وإيران، ليسوا معنيين بالحرب، وذلك نقلاً عن كبار المسؤولين في المُستويين الأمنيّ والسياسيّ في تل أبيب.

كما لوحظ بشكلٍ واضحٍ العتب الإسرائيليّ على روسيا، وتحديدًا على الرئيس فلاديمير بوتن، الذي على الرغم من أنّه استقبل رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، في الفترة الأخيرة سبع مرّات، فإنّه لم يفعل شيئًا من أجل لجم سوريّة، بمعنى أنّ روسيا، ألمح الإعلام العبريّ، أعطت دمشق الضوء الأخضر لإسقاط المُقاتلة الإسرائيليّة، على الرغم من وجود تنسيق أمنيٍّ عالي المُستوى بين تل أبيب وموسكو فيما يتعلّق بحريّة عمل ونشاط سلاح الجوّ الإسرائيليّ فوق الأراضي السوريّة.

ووصف أحد المُحلّلين الرئيس الروسيّ بأنّه ليس صديقًا لإسرائيل، لافتًا في الوقت نفسه إلى أنّ العلاقات الإسرائيليّة-الروسيّة هي تكتيكيّة ليس إلّا، أمّا العلاقات بين موسكو وطهران، فهي علاقات إستراتيجيّة متينة ووطيدة إلى أبعد الحدود.

وعلى الرغم من الدعم المُطلق الذي أبدته وتُبديه الولايات المُتحدّة الأمريكيّة لإسرائيل، وتحديدًا الإدارة الحاليّة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، فقد قال الإعلام العبريّ، نقلاً عن كبار المسؤولين في الدولة العبريّة، إنّه لا يُمكن التعويل على واشنطن في المسألة السوريّة لأنّ الرئيس ترامب، المؤيّد جدًا للدولة العبريّة، قرّرّت التنازل عن سوريّة، وتركت المجال مفتوحًا لكي يُواصل الرئيس الروسيّ، بوتن، التحكّم بمصير سوريّة، وهذه بحدّ ذاتها، أخبارًا سيئّة للغاية بالنسبة لإسرائيل، أكّدت المصادر.

في السياق نفسه، رأى مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، أنّه للمرّة الأولى تدخل إيران وإسرائيل في مواجهةٍ مباشرةٍ، مُشيرًا إلى عدم وجود القوّة الدوليّة الكُبرى التي بإمكانها وقف التدهور إلى حرب الشمال الأولى، على حدّ تعبيره. وشدّدّ على أنّ وقوع إسرائيل في الفّخ، كان نتيجةً لتخطيطٍ إيرانيٍّ مُسبق، مُوضحًا أنّ طهران حصلت على ضوءٍ أخصرٍ من روسيا لتنفيذ الخطّة التي أوقعت إسرائيل في الكمين الذي نُصب لها بعنايةٍ فائقةٍ، على حدّ قوله.

وتابع هارئيل، المُقرّب جدًا من المنظومة الأمنيّة في تل أبيب، تابع قائلاً إنّه حتى لو افترضنا أنّ واقعة يوم السبت ستنتهي بدون حربٍ جديدةٍ في الشمال، فإنّه يتحتّم على إسرائيل مُواجهة الواقع الجديد الذي نشأ أمس السبت، والعمل على بناء إستراتيجيّةٍ جديدةٍ، بحسب تعبيره.

وشدّدّ تسفي بارئيل، مُحلّل الشؤون العربيّة في (هآرتس)، على أنّ يوم السبت هو علامة فارقة في تاريخ الصراع بين سوريّة وإسرائيل، وقال إنّه مع إسقاط الطائرة الحربيّة الإسرائيليّة تغيّرت قواعد الاشتباك، ومِنَ اليوم فصاعدًا، أصبحت حريّة تنقّل سلاح الجوّ الإسرائيليّ فوق الأجواء اللبنانيّة والسوريّة محددةً ومحفوفةً بالمخاطر، كما أكّد.

أمّا كبير المُحلّلين السياسيين في إسرائيل عامّةً، وفي (يديعوت أحرونوت) خاصّةً، ناحوم بارنيع فأوجز وقال منذ سنواتٍ طويلةٍ تدور الحرب الشرسة والقذرة بين إيران وإسرائيل، وأضاف: الدولتان حافظتا على إدارة الحرب بدون مُواجهةٍ مُباشرةٍ بينهما، ولكن، شدّدّ بارنيع، أمس السبت تغيّر التاريخ، ذلك أنّه للمرّة الأولى وقعت المُواجهة بين طهران وتل أبيب بصورةٍ مُباشرةٍ، وهذا نذير شؤمٍ، على حدّ قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى