تل أبيب ما زالت تتستّر على سبب استخدامها “حيتس 3″

استمرار الإعلام العبريّ بسبر غور الردّ السوريّ على هجوم سلاح الجو الإسرائيليّ فجر الجمعة الماضي، يؤكّد على أنّ الإعلام، مثل قادة تل أبيب السياسيين والعسكريين، فوجئ من ردّ الفعل السوريّ على القرصنة والعربدة الإسرائيليتين، الأمر الذي دفع المصادر الأمنيّة في تل أبيب تُقّر بأنّ الردّ السوريّ كان استثنائيًا وأجبر إسرائيل على خطوةٍ مزدوجةٍ وغيرُ مسبوقةٍ: اعتراض الصاروخ السوريّ بواسطة منظومة حيتس، والاعتراف رسميًا بالهجوم في سورية.

علاوة على ذلك، قال مُحلل الشؤون العسكريّة يوآف ليمور إنّ الهجوم الجويّ على هدف في سوريّة وسلسلة الأحداث التي أعقبته أدّت، لأوّل مرًةٍ، إلى مواجهةٍ علنيّةٍ بين إسرائيل وروسيا، مُوضحًا أنّ هذا التطوّر غير المخطط له، والذي يأتي بعد أسبوع فقط من زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى موسكو يجب أنْ يُقلق الدولة العبريّة، خشيةً من أنْ تقوم روسيا بتغيير سياسة اللا مبالاة التي أظهرتها حتى الآن حيال العمليات المنسوبة إلى إسرائيل في سوريّة.

ولفت المُحلل إلى أنّه لم يكن واضحًا بالأمس ما الذي أثار حفيظة الروس ودفعهم إلى التعبير بشكلٍ علنيٍّ عن استيائهم حيال هذه الهجمات من خلال استدعاء السفير الإسرائيليّ من أجل محادثةٍ توضيحيّةٍ، وليس كما هو معهود من خلال رسائل سريّةٍ.

وبرأيه، فإنّه من المحتمل أنْ يكون الهجوم وقع بالقرب من قوات روسية، كما ادعت بعض التقارير، ومن المحتمل أيضًا أنّ إعلان إسرائيل مسؤوليتها عن العملية يُمكن أنْ يظهر روسيا بأنّها لا تنجح في الدفاع عن سوريّة التي هي تحت وصايتها، ضدّ العمليات الإسرائيلية.

وساق قائلاً إنّه على أيّة حال، فإنّ لإسرائيل مصلحة واضحة في إبقاء الروس خارج الصراع الذي تخوضه ضدّ تهريب الأسلحة الصاروخيّة المتطورة إلى حزب الله. وشدّدّ على أنّ هذا لا يعود فقط إلى الرغبة في منع وقوع اشتباك غير مخطط له بين القوات الإسرائيليّة والروسية، وإنمّا في الأساس التخوّف من أنْ تسمح مظلة روسية واسعة وأكثر كثافة لإيران، بزيادة قوة أذرعتها في لبنان وفي هضبة الجولان، وتجعل من الصعب على إسرائيل عرقلة مثل هذا النشاط.

علاوة على ذلك، زاد المُحلل ليمور إنّه من المعقول الافتراض أنّ إسرائيل ستبذل جهدًا كبيرًا لمنع حدوث تغير في السياسة الروسيّة، لكن الأمر لن يتضح إلّا في لحظة الحقيقة وقت وقوع الهجوم المقبل.

ورأى أيضًا أنّه على خلفية تسارع جهود حزب الله للتسلح بسلاحٍ نوعيٍّ، وخاصة بصواريخ دقيقة، وتصريحات إسرائيل العلنيّة بأنّها ستُحبط ذلك، فليس هناك أدنى شك بأنّ هجومًا كهذا سيقع قريبًا، ويُمكن التقدير على خلفية الأحداث الأخيرة أنّ مثل هذا الهجوم سينطوي على عناصر خطر أكبر بكثير من الماضي، على حدّ قوله.

وتابع قائلاً إنّه لهاتين السابقتين، اعتراض الصاروخ السوريّ بواسطة منظومة حيتس، والاعتراف رسميًا بالهجوم في سورية، هناك تفسير منطقي: لقد نفذ الاعتراض خوفًا من سقوط صاروخ (SA-5) كلّه أوْ جزء منه في مدينة إسرائيلية ويصيب مدنيين، وتحمل المسؤولية حدث لأنّه منذ اللحظة التي وقعت فيها عملية الاعتراض كان هناك تخوف من أنْ تؤدي موجة الإشاعات، مثل ادعاء سورية الكاذب أنّها أسقطت طائرة حربيّة إسرائيليّة، إلى تصعيد غير مرغوب فيه.

وأوضح المُحلل الإسرائيليّ أيضًا أنّ الرد السوريّ بحدّ ذاته لم يُعرّض للخطر طائرات سلاح الجو، لكنّه يدل على ثقة الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد بنفسه، ذلك أنّه في ظلّ الدعم الروسيّ والضرب المتواصل لتنظيم “داعش” الإرهابيّ، وتنظيمات المعارضة، يشعر الرئيس السوريّ بعدم وجود تهديدٍ مباشرٍ على حكمه، ويريد أنْ يوضح لإسرائيل أنّه قادر على رفع مستوى الردّ على هجماتٍ تقع في الأراضي السورية.

وخلُص إلى القول إنّه ثمة شك في هذه المرحلة في أنْ يذهب الأسد في ردوده حتى النهاية خوفًا من فتح معركة في مواجهة إسرائيل، لكنه، مثل روسيا وإسرائيل، رفع في الحادث الأخير مستوى المجازفة، لقد نجح الجنرال أفيف كوخافي في إنهاء ولايته قائدًا للمنطقة الشماليّة من دون مواجهةٍ مع سورية ولبنان، ولكن سيكون من الصعب جدًا على خلفه الجنرال يوئيل ستريك أنْ يفعل ذلك، بحسب تعبيره.

ومن اللافت جدًا، أنّه بعد مرور خمسة أيّام على إطلاق منظومة “حيتس 3″ لاعتراض الصاروخ السوريّ، ما زال التكتّم والتسّتر سيّد الموقف، حتى اليوم لم تُعطِ إسرائيل تفسيرًا مُقنعًا وواضحًا لماذا لجأت إلى استخدام هذه المنظومة، المُعدّة لاعتراض الصواريخ الباليستيّة، ومن هنا يُمكن التساؤل: هل سوريّة أطلقت صواريخ باليستيّة باتجاه الأراضي الإسرائيليّة؟

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى