لماذا استخدمت الصين “الفيتو” لاجهاض مشروع قرار في مجلس الامن لهدنة الأسبوع في حلب؟

احدث “الفيتو” الروسي الصيني “المزدوج” لاجهاض مشروع قرار في مجلس الامن الدولي ينص على هدنة لمدة أسبوع في حلب تسمح بدخول المساعدات الإنسانية، حالة من “الصدمة” في الأوساط الغربية، والولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين على وجه الخصوص.

مشروع القرار أعدته ثلاث دول هي مصر واسبانيا ونيوزيلاندا، ويهدف الى انقاذ حوالي مئة الف مواطن سوري في حلب الشرقية وايصال المساعدات الإنسانية اليهم، ولكن النقطة التي اثارت غضب الروس والصينيين عدم اشارته الى انسحاب المسلحين، ومقاتلي جبهة النصرة (فتح الشام) وحلفائهم في الفصائل الأخرى.

السيد سامح شكري وزير خارجية مصر الذي ذهب الى نيويورك للمشاركة في صياغة مشروع القرار المذكور، حاول التملص من مسؤولية فشله، او بالأحرى اجهاضه، من قبل الروس والصينيين الحلفاء التقليديين لبلاده، عندما اعلن مصدر مقرب منه بأن دولا عديدة (لم يسمها) مارست ضغوطا مكثفة لطرح القرار على التصويت وقبل اكتمال المناقشات حوله، واعترف ان عملية التسرع هذه ساهمت في هذا الفشل.

سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي لا يريد أي تدخل من قبل مجلس الامن الدولي في مسألة حلب، ويريد اتفاقا ثنائيا مع الادارة الامريكية في هذا المضمار، ولهذا جرى ترتيب لقاء الخبراء من البلدين في جنيف ينعقد يوم امس الاثنين، ويصيغ بنود هذا الاتفاق، ولكن واشنطن اعتمدت أسلوب المماطلة والتأجيل.

التحالف السوري الروسي حقق نجاحات كبيرة في ميادين القتال، واستطاع السيطرة على اكثر من ستين في المئة من حلب الشرقية، وهو لا يريد قطعا التفريط بهذه النجاحات من خلال القبول بهدنة لا تنص على خروج المسلحين جميعا دون أي استثناء، على غرار التسويات التي جرى التوصل اليها في داريا وحمص، ولكن المسلحون رفضوا هذا العرض الروسي السوري، وقرروا القتال حتى الموت.

يجادل الروس بأن هدنة بدون خروج المسلحين تعني التقاط انفاسهم، واستغلال الهدنة للحصول على امدادات أسلحة وذخائر تمكنهم من استعادة قوتهم وصد الهجوم الأرضي السوري، وكسر الحصار، مثلما حدث في مدن سابقة، وهم أي الروس، يريدون استغلال مرحلة الفراغ الرئاسي الأمريكي الحالية، والسيطرة على حلب بالكامل قبل مجيء إدارة الرئيس الجديد دونالد ترامب في العشرين من شهر كانون الثاني (يناير) المقبل.

عدم خروج المسلحين من حلب الشرقية يعني انهم قرروا القتال وخوض حرب شوارع مع الجيش السوري، في منطقة يعرفونها جيدا، حارة حارة، والأرض تقاتل مع أصحابها، مثلما تقول القاعدة العسكرية المشهورة، مضافا الى ذلك يراهنون على ان أي اشتباك مباشر مع القوات السورية سيلغي سلاح الطيران وفاعليته، لان القصف في هذه الحالة قد يصيب هذه القوات بخسائر بشرية كبرى، مثلما يقول العميد ركن المتقاعد والخبير العسكري هشام جابر.

الأيام والاسابيع القليلة المقبلة قد تشهد مذبحة في حلب الشرقية، تستهدف قوات المعارضة المسلحة، ومن بقي معهم من المواطنين الذين رفضوا المغادرة مثل اكثر من خمسين الفا من نظراءهم نزحوا الى حلب الغربية، او المناطق التي يسيطر عليها الاكراد للنجاة بأرواحهم.

اللافت، حالة الصمت التي تسود الدول الداعمة لهذه المعارضة في دول الخليج وتركيا، وانشغال أجهزة اعلامها بالقمة الخليجية في البحرين، وجولة الملك سلمان الخليجية الني سبقتها.

استخدام الصين “الفيتو” في مجلس الامن الى جانب نظيره الروسي يجعل موقف المعارضة السورية المسلحة وداعميها العرب والأتراك في موقف حرج للغاية، ويتضمن رسالة سياسية وعسكرية مهمة، تقول ان الصين تقف بقوة في خندق الحكومة السورية والمعسكر الروسي الإيراني الداعم لها.

السيدة نغم الغادري، عضوة المكتب القيادي للائتلاف السوري المعارض، قالت في برنامج حواري شاركت فيه من إسطنبول، وكنت احد ضيوفه، والمرارة في حلقها “تخلت عنا أمريكا.. ودول عربية عديدة.. وتركتنا نواجه مصيرنا وحدنا”.

ما قالته السيدة الغادري هو الحقيقة بعينها، ولا نحتاج الى أي إضافات.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى