مُحلّل إسرائيليّ: المؤسسة مُسيطرة على الإعلام العبريّ الذي ينطق بما تُملي عليه والزعم بأنّ سلاح الجوّ أقوى من الـ S300 هو جنون العظمة وَوَهْمْ القدرة

لمامًا تجد هنا أوْ هناك، مُحللّا أوْ خبيرًا إسرائيليًا يُغرّد خارج السرب، ذلك أنّ الإعلام العبريّ متطوّع لصالح الأجندة الصهيونيّة، ولكنّ المُحلّل روغل ألفير، من صحيفة (هآرتس) العبريّة، تناول قضية سيطرة المؤسسة العسكريّة في دولة الاحتلال على وسائل الإعلام، وتزويدها بمعلوماتٍ تخدم سُلّم أولوياتها بهدف طمأنة الإسرائيليين من ناحية، ومن الناحية الأخرى، إظهار عظمة دولة الاحتلال العسكريّة، وتحديدًا في كلّ ما يتعلّق بسلاح الجوّ الإسرائيليّ، الذي “لا يُهزم”.

وقال المُحلّل ألفير، إنّ الصحف العبرية امتلأت في الأيام الأخيرة بمقالات، زعمت أنّ سلاح الجو الإسرائيليّ طوّر قدراته كي يكون قادرًا على التعامل مع منظومة الدفاع الجوي “اس 300″، التي يعتزم الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين تزويد سوريّة بها.

ورغم أنّ المعلقين والمُحلّلين الإسرائيليين ليسوا خبراء هندسة طيران، أضاف ألفير، لكنّهم جميعًا وصلوا إلى النتيجة نفسها التي يفترض أنْ يكون مصدرها توجيهًا من مصادر عسكرية إسرائيليّة أرادت أنْ تنقل رسالةً واضحةً إلى من يعنيهم الأمر: صحيح أنّ منظومة اس 300 تزيد العبء على سلاح الجو الإسرائيليّ وتُقلّص بقدرٍ ما هامش المناورة لديه، لكنّها غير قادرة على منعه من العمل في الأجواء السوريّة، بحسب تعبيره.

وتابع قائلاً: المعلّقون في إسرائيل متحدّون في الرأي: الجيش الإسرائيليّ قادر على تعطيل منظومة اس 300 بل وتقطيع أوصالها، وفي حالة الضرورة قادر أيضًا على تدميرها، لافتًا إلى أنّ كل ذلك مرتبط بمسعى الجيش كي يبثّ رسائل طمأنة للجمهور الإسرائيليّ عبر المعلقين الذين يبثون رسائله بحناجرهم، إلى ضرورة ألّا يخشوا هذه المنظومة، لأنّها لن تُعطِل قدرات سلاح الجو وتفوقه في السماء السوريّة، على حدّ تعبيره.

وشدّدّ في سياق تحليله على أنّ “الأخيار في سلاح الجو” ليس مجرّد شعار للقوة الجويّة الإسرائيليّة، الافتخار بسلاح الجوّ لدى الجمهور هو واحد من أسس النظرة الإسرائيليّة للعالم: سلاح الجوّ هو أفضل ما في إسرائيل، وهو أفضل ما في المنطقة، وهو الأفضل في العالم.

وزاد قائلاً: الإسرائيليون غير مستعدين للاعتراف بالقيود على القوّة والقدرات العسكريّة، وعلى ذلك يُفضّلون الحرب والاحتلال على ضبط النفس، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّ القوة الجوية لدى الإسرائيليين تعمل على أساس أنّ لا حدود للقدرة، وهذا الأساس محفور عميقًا في الوعي الإسرائيليّ، بأنّ لا حدّ لبطشه: لا مكان في الكرة الأرضية لا يمكن أنْ لا نصل إليه بواسطة سلاح الجو الذي لا يهزم، إنّه وهم القدرة، وجنون العظمة، جزم قائلاً في تحليله.

لكن كلّ ذلك، أوضح المُحلّل، أيْ سكرة القدرة وتفضيل المعركة لمواجهة كلّ حالةٍ وسيناريو، يأتي إلى جانب أنّ الإسرائيليين يحزنون وينوحون على موتاهم، وسلاح الجو قادر على تدمير العدو، وفي الوقت نفسه لديه حصانة مطلقة بلا خسارة.

على هاتين الركيزتين، أضاف ألفير، فإنّ جزءً رئيسيًا من الخيال يكمن في الاعتقاد أنّ سلاح الجو غير قابل للاختراق، وهو منيع أمام أيّ محاولةٍ من قبل العدو لإحباط نشاطه، مُشيرًا إلى أنّه ليس فقط أنّ الجمهور الإسرائيليّ لا ينظر بأسف للعمليات ضدّ الفلسطينيين غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم، بل على النقيض من ذلك، ينظرون إلى المسألة باعتبارها نوعًا من التفوق الإسرائيليّ الذي هو نتيجة مسلّم بها للطبيعة القائمة وللنظام العّام للوجود، وفق قوله.

لذلك، أشار، تُعّد منظومة “اس 300” منظومة تعطيل محتمل لنسقٍ إلهيٍّ، وإفساد للانتصاب الوطنيّ الذي ينمو ضمن مقولة “الذراع الطويلة” (سلاح الجو)، لأنّ للطول تأثيرًا في موضوع الانتصاب، وعلى ذلك فإنّ “اس 300” منظومة تهديد واضح، وجهة إخصاء.

وتابع: يسعى الجيش الإسرائيليّ عبر حناجر المعلقين وكتاباتهم لطمأنة الجمهور بأنّه هو القوّة الإقليميّة العظمى مقابل جيران لا حول لهم ولا قوّة وعاجزين أمامها، أمّا محاولاتهم الرد على إسرائيل فلا تجدي نفعًا ويمكن ردها بسهولة: كش ذباب.

وأردف: الاعتقاد بأنّ منظومة “اس 300” ستكون قادرةً على إسقاط الطائرات الإسرائيليّة، وُوجهت بكمٍّ هائلٍ من التقارير التي هدفت فقط إلى الإثبات بأنّ هذه المنظومة أيضًا مجرد ذبابة تسحق بأظافر سلاح الجو الإسرائيليّ، لافتًا إلى أنّ هذا السلاح الذي حلّ مكان الرب في الوعي اليهودي: ما فعله الله لسدوم وعمورة، سيفعله سلاح الجو بالعرب.

واختتم مُتسائلاً: ماذا سيحدث إذا أسقطت صواريخ اس 300 مقاتلات إسرائيليّة؟ سوف يُصاب الجمهور بالصدمة والخوف. لكن ما العمل إذا كان الرب، يخيّب الآمال دائمًا؟، بحسب قوله.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى