«فينيقيا الماضي الحاضر»… «كركلا» في ربوع طور إيل الجبيلي

في الصيف 2016، أبهر «إبحار في الزمن: ع طريق الحرير» جمهور «مهرجانات بعلبك الدولية» التي كانت تحتفل بعيدها الستين. من بعلبك إلى أقاصي العالم، نسج الاستعراض الضخم رحلة إنسانية راقصة وملوّنة بتنوّع الحضارات والأعراق، وشكّل ملحمة تاريخية وإنسانية دمجت بالصورة والصوت والأزياء الجميلة والمؤثّرات والتكنولوجيا مشهدية مفعمة بروائح الشرق والغرب. ثم انتقل العرض الناجح في بداية العام الماضي من «معبد باخوس» إلى الـ«فوروم دو بيروت».

هذه السنة، الإبهار نفسه سيكون سيّد الموقف. فهذا ما عوّدتنا عليه فرقة الرقص اللبنانية العريقة التي تحتفل هذه السنة بيوبيلها الذهبي، بعدما أسهمت في النهضة الفنية في البلاد. خمسون عاماً، روت خلالها «كركلا» حكايات الشرق وأساطيره والحضارات المتعاقبة عليه على مرّ آلاف السنين، وصولاً إلى الحاضر، من خلال 17 عملاً راقصاً («اليوم، بكرا، ومبارح»، و«أليسار ملكة قرطاج»، و«الأندلس المجد الضائع»، و«ألفا ليلة وليلة»، و«كان يا مكان»…)، تمزج التراث والأصالة بلغة العصر، وتحمل الهوية الثقافية اللبنانية والشرقية إلى كلّ أنحاء العالم.

تحت عنوان «فينيقيا الماضي الحاضر»، تقف الفرقة التي أسّسها عبد الحليم كركلا (1940) للمرّة الأولى على مسرح «مهرجانات بيبلوس الدولية» في 17 و18 آب (أغسطس) الحالي، حيث تقدّم «تحية إلى المدينة البالغة آلاف السنين». العمل المفصّل على قياس جبيل ومستوحى من تاريخها الغني والعريق، من إخراج إيفان كركلا، فيما تولّى عبد الحليم شخصياً إعداد الحوار والموسيقى والأزياء، وحملت الكوريغرافيا توقيع إليسار كركلا. أما القصة، فتبدأ من المبعوث الملكي للفرعون «رمسيس» الذي يصل إلى معبد الآلهة في المدينة محمّلاً بالهدايا وورق البردى.

يحظى الموفد باستقبال مميّز غني بالاحتفالات من قبل الملك «أحيرام». لن يمضي الكثير من الوقت قبل أن ننتقل بالزمن إلى ساحة قرية لبنانية، يبدأ أهلها بالتوافد حاملين عاداتهم وتقاليدهم، فتشتعل شرارة النزاع والعداء. واقع مظلم، سرعان ما تضيئه قصّة حب جميلة بين فتاة وشاب، وتحوّل الأعداء إلى إخوة.

يتميّز «فينيقيا الماضي الحاضر» بأسلوب دمجه لمحطات من الماضي بواسطة لغة مسرحية تتكئ على المؤثرات البصرية، وتطويعه ضمن المسرح الحديث. كل ذلك طبعاً في إطار سينوغرافيا مميّزة وديكورات ضخمة وأزياء جذّابة. هنا، لا بد من التذكير بأنّ إليسار كركلا وعدت الناس، في إطلالات إعلامية عديدة، بأنّهم سيستمتعون في اللوحات الراقصة بـ«الفولكلور اللبناني الذي يحبّونه بطريقة مجدّدة».

وكما في الاستعراضات السابقة، هناك دائماً أسماء مخضرمة ثابتة، أمثال الممثلين هدى حداد، وغبريال يمين، ورفعت طربيه، وجوزيف عازار، ومنير معاصري، والمستشار الثقافي للفرقة الشاعر طلال حيدر، و«عميد الفولكلور» عمر كركلا، فضلاً عن الاستعانة بتقنيين أجانب لكي يكون الموعدان المنتظران… «من العمر»!

 

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى