عن الأدب النسائـي
عن الأدب النسائـي.. أقترحت في إحدى جلساتنا الأدبية أن أطرح على الحاضرين – و كلهم كانوا رجالا – ثلاثة نصوص شعرية لثلاث شاعرات عربيات حذفت عنها أسماءهن و أن يقولوا لي أي من هذه النصوص للذكر و أي للأنثى ؟؟
كانت جلسة طريفة انتهت بأن الجميع اتفقوا على أن كتَاب هذه النصوص كلهم من الرجال و حين أحضرت الدواوين التي اخترت منها القصائد كي أثبت أنهم أخطؤوا فالنصوص الثلاثة كانت لشاعرات عندئذ حمي وطيس النقاش حول هذا الخطأ و شيئا فشيئا تحول النقاش إلى موضوع هام فحواه هذا السؤال : ما هي إذن السمات الأساسية للأدب النسائي ؟
كانت تجربة طريفة حقا دفعت النقاش إلى ضرورة أن يلاحظ الدارس الطبيعة الأساسية لما نسميه أدبا نسائيا على أنها طبيعة حيوية من نوع يجب أن يتميز بالخصوصية الأنثوية ليس في أفكار النص فحسب بل في الشكل الفني أو في أسلوب الأداء اللغوي بكل ما يعنيه ذلك في تركيب الجملة غبر مفرداتها و طرائق صياغتها في الوصف أو الفصل كما في التقديم و التأخير و التكرارو استخدام المجاز و نوع المشاعر التي يحرض عليها النص و غيرها من طرائق التعبير التي تنبع أصلا من الخصوصية الأنثوية والتي لا تظهر دوما في النصوص الأدبية التي تكتبها المرأة العربية عموما بسبب من أن مجتمعاتنا يسيطر عليها الذكور بشكل مفرط وبالتالي فإن الذكور هم الذين يصنعون تقاليدنا و أساليبنا في التفكير و التعبير حتى في الحياة اليومية و هكذا نجد المرأة العربية أنها مُسامحة دون أن تشعر بذلك للتخلي عن انوثتها و هي تستعير لغة الذكور التي لم نتعلم سواها أو بتعبير أخر لم تمارس طبيعتها كأنثى في التعبير عن أي موضوع تتصدى له منذ أجيال بعيدة داخل أسرتها أو في المدرسة أو الجامعة أو الحزب أو الوظيفة الرسمية كاستخدام التراث و الجزالة المفخَمة مما يجعل نسبتها إلى المرأة قرارا ملتبسا.
إن الصوت الداخلي للمرأة العربية عموما صوت مكبوت يُحرم عليه أن ينطلق كما هو حقا و كأنما يعاب على الأنثى أن تكون صريحة في التعبير عن صوتها الداخلي و كأنها تكشف عن عورة لها في حين أن الرجل العربي يتباهى بجرأته في التعبير عن رجولته أو ذكوريته ..و بهذا المعنى يجب في بلادنا أن نبحث عن الموضوعات و الأفكار التي تعالجها المرأة كالأمومة، و الحياء ، و التردد في المصارحة و غيرها كي نحكم عليها بأنها أنثوية الأسلوب مع أنها ليست كذلك أو بتعبير أدق أن أسلوبها يخفي أنوثتها حتى ولو تحدثت كأم أو عاشقة .
الأفضل إذن في دراستنا للتصوص النسائية أن نجيب على هذا السؤال : كيف تكتب المرأة لا عن أي شيء تكتب ، كي نحكم على نصها بأنه ينتمي حقا إلى الأنوثة …
كان نقاشا طريفا بحق و على الأخص حين طلبت إليهم أن يلاحظوا مرة كيف المرأة الحرة الطليقة تتحدث عن أي موضوع كان ، و مرة أن يقارنوا ذلك بإمرأة أخرى مختنقة بالممنوعات و المحرمات و هي تتحدث عن الموضوع ذاته …هل لاحظتم الفرق بينهما ذات مرة ؟ اكتبوا لي عن ملاحظاتكم هل أنا على حق ؟ أم لكم رأي آخر ؟..