كتاب الموقعنوافذ

الصينيون والسوريون

الصينيون والسوريون …”أرادت الضفادع يوماً أن تغدو أبقاراً… فانفجرت !”

هناك طرق يرشدك إليها الصينيون في كل شيء. منذ كونفوشيوس ، “بالنار امتحان الذهب وبالذهب امتحان الرجال”، إلى ماوتسيتونغ “ألف ميل تبدأ بخطوة واحدة”، إلى الفن الحديث في تنظيم النسل، حيث وصف الصينيون الزواج بأنه يشبه قلعة محاصرة : يريد من في الخارج اقتحامها، أما من في الداخل فيريدون الخروج منها.”
في الشعر كذلك: ثمة طرق يعلمونك إياها على سبيل المفارقات:  طرق للعبث الجميل بمنظر طبيعي.

وهذه أمثلة  :

“اغسل قدميك في نبع صاف.
جفف مئزرك فوق الزهور.
ابن بيتك قبالة الجبل .
واحرق قيثارتك كي تشوي طائر الكركي.
اشرب الشاي قبالة الزهور.
واصرخ تحت شجرة الصنوبر.”
عندنا ثمة آلاف الطرق لقتل منظر طبيعي، وكل الطبيعة صارت في طريقها إلى التناقص مع التكاثر العشوائي والبناء العشوائي وعشوائية العشوائي… والقصف العشوائي.

سئل جندي مدفعية أعور:

مدفعي وبعين واحدة؟
أجاب : أنا اختصاصي قصف عشوائي !
إن الصينيين مدهشون، كان ردهم على تزابد السكان سلسلة من عمليات الكبح والمنح عبر : تنظيم سن الزواج 22 للذكور 20 للإناث.
مسموح طفل واحد. التعقيم الصناعي يمنح صاحبه الحصول على إجازة مدفوعة بأجر كامل.
الولد الواحد يحصل على معاملة تفضيلية في القبول في رياض الأطفال والمدارس. وما يعادل عشرة دولارات كمكافاة سنوية للأسرة وحتى يبلغ 14 عاماً.

في الريف يحوز الفلاح (أبو الولد الواحد) على مساحة أكبر من الأرض. وبذوراً وأسمدة ومبيدات !
لقد كان عدد السكان عام 1949 تاريخ تأسيس صين ماو تسي تونغ نصف مليون. والآن مليار ونصف … ومع ذلك استطاعت الصين تحقيق مستوى معيشة أعلى. ذلك لأنها ركّزت على “إخصاب” الأرض أيضاً، لا على “إخصاء” السكان فقط .
في بلادنا ـ سوريا ـ مطلع الاستقلال كان عدد السكان أقل من ثلاثة ملايين، وقد نفذ الجيش الصغير الناشىء، خلال بضعة أعوام سبعة انقلابات عسكرية فقط لا غير..
واليوم بلغ عدد السكان ثلاثاً وعشرين مليون نسمة. وقد نسيت الحكومات، دائماً، العامل الديمغرافي، وظل النسيان والتناسي يفعل فعله، مع العوامل الأخرى ـ الفساد والاستبداد ـ حتى وصلنا… إلى نوع من الانتفاضة الشعبية المسلحه بدلاً من الانقلاب العسكري.
ومع ذلك لم تكن الملايين الثلاث ولا ال 23 مليون مشكلة بلا حل، ورقماً معقداً بلا هندسة. خاصة إذا نظرنا إليهما من زاوية العيون الصينية الضيقة ـ بالغة الرؤية ـ فنحن ، أولاً وأخيراً ، كلنا، لسنا نعادل سوى  مجموعة جيران عشوائيين في حي صيني، في مدينة صينية متوسطة.
نحن ، مع ذلك نستهلك ونستورد كل ما هو صيني ما عدا التنمية والتخطيط للمستقبل.
المستقبل؟ الآن لا نعلم إن كان موجوداً كزمن فاعل قابل للاستعمال من أجل الحياة أم زمن من أجل الفوضى؟
يقولون : ” في الصين كل الآلهة صينية !”

07.06.2014

بوابة الشرق الاوسط_الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى