كتاب الموقعنوافذ

حفيد زنوبيا

 حفيد زنوبيا …”تحرر العبد فلم يصبح سيداً…!”

غازي أبوعقل، الضابط المتقاعد، أحد أهم الرجال الساخرين في حقل الأدب الشفوي والمكتوب في سورية، وخاصة ما ينشره في “جريدة الكلب ” الشهيرة في سورية بصفحاتها الثماني المكتوبة بخط اليد، والموزعة باليد أيضاً. وهي الجريدة التي تابع صديقنا غازي أبو عقل إصدارها، بعد وفاة مؤسسها الكاتب صدقي اسماعيل.
وقد كان من بين وشعراء الجريدة أيضاً الشاعر سليمان العيسى.
ومن المعروف أن الشاعر سليمان العيسى تخصص بالكتابة في قضايا العروبة والنضال.. واحترف الكتابة للأطفال. ومعظم أطفال سورية مروا بين حروف قصائده الإلزامية لوجودها في الكتب المدرسية ومجلات الأطفال والطلائع.
من لم تودع بنيها بابتسامتها الى  الزنازين لم تحبل ولم تلد
وكعروبي مخضرم يرى العيسى أن العرب خير أمة أخرجت للناس. والعربي لا ينزل عن حصانه إلا شهيداً.
والأطفال، كيفما ربيناهم، هم أحفاد صلاح الدين وخالد بن الوليد… وبقية الأبطال.
فإذا عرض التلفزيون، مثلاً، طفلاً مقلداً إلقاء الشعر، فإن سليمان العيسى ينتشي فخراً بالموهبة العروبية..
……………………..
غازي أبو عقل كان ، ذات يوم، بالمرصاد للشاعر العروبي.
فقد نشر العيسى مديحاً شعرياً لطفل يعمل (غرسوناً) في فندق تدمر. فاستدعى في القصيدة زنوبيا ملكة تدمر، وجعل من الطفل حفيداً عظيماً لجدة عظيمة في تخصيب الحضارات… وبدا الطفل في القصيدة معجزة المعجزات.
واصطياد غازي للعيسى جاء من منطقة أخرى في التفكير: إهمال الطفولة. بدلاً من مديح الأمجاد، فقال له ببساطة: مكان الطفل هو في البيت والحديقة والمدرسة والملعب… وكل البيئات الطبيعية للنمو الذكي والآمن . وطالب الجهات المختصة بمعاقبة مشغلي الأطفال ، ومروجي عمالة الأطفال. وفي هذه الحالة يستحق شاعر يمدح طفلاً  يعمل خادماً في مطعم…عقوبة معنوية على الأقل.
وإليكم أبيات القصيدة المنشورة (في هذا الموضوع) في  “جريدة الكلب” مهداة إلى سليمان العيسى.
أخطأت فعلاً في الحساب        ودخلت في درب الضباب
ومن ذا الذي يرضيه أن يستخدموا الأطفال في سوق السياحة كالكلاب
أو أن تقيم العبقرية مثلما الديدان والجرذان أيضاً في التراب
أهي الحماسة أم هو الفكر العروبي المولّد للخراب
طفل يرحب بالزبائن أو يدير عليهم بعد العشا كأس الشراب
في أي قانون يسخّر للسياحة (ابن أربعة) بلا أدنى عقاب؟
لم تسألوني أين مدرستي أين دفاتري ومتى سأقرأ في كتاب؟
يا شاعر الزحف المقدس طال هذا الزحف وانسلخت بطون الزاحفين إلى العذاب.
شعر العروبة هذه الأيام أوهام ومن بحر الخواء يصد ما يدعو إلى فقر الصواب
………………………
اليوم… آلاف الاطفال السوريين يعملون في الطرقات بمهنة الاذلال الخالده…التسول !
فماذا يقول ابن عيسى الشاعر لهؤلاء الاطفال …أحفاد الاجداد العظماء؟

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى