كتاب الموقعنوافذ

عن الشعر … مرة أخرى

عن الشعر … مرة أخرى

من نزاعاتنا مع الآخرين…نصنع البلاغة.
من نزاعاتنا مع النفس … نصنع الشعر !”

يقول رسول حمزاتوف عن أم وابنها الشاعر :
” لم يكن يتكلم في طفولته،
ومع ذلك، كنت أفهمه جيّداً.
وهو الآن…
يتكلم ويكتب جيداً…
ولكنني لا أدرك معانيه !”
تلك المفارقة البسيطة صيغت على نحو نَقَلها من الكلام العادي، الأشبه بهجائية صغيرة ونكتة على شاعر ومتلق، إلى منطقة الشعر.
ليس في الأمر إذن اختراع من لا شيء. بل من مفردات بيت التأمل في لحظة شوق إلى الأمومة، (ربما)، أو في إطار التقدم في المهنة (الشعر)، فيما الأمومة جالسة على مصطبتها، حيث هي، ترى بعين الحب ذلك النموّ الفذّ… لفلذتها.
كنت للتو قد وضعتُ قليلاً من الأرز في القدر لأطبخه، فيما أنا منهمك على طاولتي لكتابة هذا المقال،  نسيت الطبخ لصالح النفخ في جمرة رماد الكلمات. وتذكرتُ سؤال طالب لأستاذ صيني عن الفارق بين النثر والشعر؟ فأجاب :
” إنك عندما تكتب نثراً فأنت تطبخ الأرز. ولكن عندما تكتب الشعر فإنك تحوّل الأرز إلى نبيذ.
طهو الأرز لا يغيّر شيئاً من شكله، لكن تحويله إلى نبيذ يغير شكله وخصائصه.
الأرز المطبوخ يجعل المرء يشبع. النبيذ يجعل المرء ثملاً ويجعل السعيد حزيناً والحزين سعيداً.”
هكذا، ولأن الأغلبية يحبون الأرز، والأقلية النبيذ، نجد هذه الكمية من النثر وهذا القليل من الشعر.

ولعل التأمل في الكيمياء التي تقرّب، بالمزج، عنصراً من آخر معادلة محسوبة… يجعلنا نأمل ألا يحدث خطأ يؤدي إلى انفجار الأنابيب الذاهبة إلى منطقة الجمال فينا.
…………….
بعد قليل جاءت رائحة الأرز، من المطبخ، ولكنها، هذه المرة مختلفة. فثمة دخان يأتي من المطبخ، ولم أنتبه حتى أصبحت الرائحة لحريق واضح .
احترق الأرز على النار.
لم يتحول إلى نبيذ.
ولم يبقَ، أيضاً، لونه أبيض.
وبالطبع لم يعد يشبع أحداً…فهو لا يؤكل.
إن بعض القصائد، مثل أرز محروق، يمكن وصفها بأنها حرق للشعر، فيما هي محاولة لطبخه !!

أختم بحمزاتوف وهو يقول :

” اذاكانت توجد في القصيده ثمانية أبيات عزيزه علي ، فلماذا أكتب ثمانين بيتا آخر؟ ”

01.03.2014

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى