سوريا و أزمتها و الحرب عليها في العقد الثاني من القرن الواحد و العشرين

 

تحولت سوريا في العقد الثاني من القرن الواحد و العشرين من أكثر الدول أمانا واستقرارا إلى أكثرالدول خراباً و تشرداً و تشتتاً، حيث سرعان ما تحولت أحداث و إضطرابات داخلية إلى ما يشبه حرباً كونية تداخلت فيها القوى الإقليمية و العالمية إضافة إلى انخراط أكثر من ألف تنظيم إرهابي وعسكري وعصابات مسلحة لتجعل من سوريا بقعة وملعباً خصباً لتصفية حساباتها التاريخية والدولية والإقتصادية ، وهذه البقعة، وهي شرق البحر المتوسط، تعتبرمن أكثر المواقع الجغرافية حساسية إذ أنها تقع على حدود وتخوم أوروبا وشمال الجزيرة العربية وتشكل بوابة نحو القارة الآسيوية لتتقاطع فيها مصالح الشرق والغرب والإثنيات والأعراق والديانات .

إشتعلت الحرب في بداية العقد الثاني من بداية عام 2011 تحت مسميات وذرائع مختلفة لتكون الحرب الأسوأ في العالم نهاية القرن العشرين و أوائل القرن الحادي والعشرين، ولتخلق أزمة لجوء إنساني وبشري لم يشهد لها التاريخ الحديث مثالا لها ربما منذ الحرب العالمية الثانية.

لقد كانت ومازالت حرب مصالح للقوى العالمية والدولية شبيهة بحرب عالمية ثالثة للسيطرة على مقدرات شعوب المنطقة من ثروات باطنية واقتصادية و زراعية وبشرية وخيرات تتهافت عليها اقتصاديات دول الغرب و الشرق على حد سواء.

ابتدأت الحرب في سوريا على شكل مسمى من مسميات الربيع العربي في التنازع على السلطة و تغييرها من خلال أشكال مختلفة من الكتائب المسلحة المحلية والإقليمية التي استغلت الإسلام السياسي أبشع إستغلال لتأتي بعدها القوى الدولية، بشكل من أشكال الإرهاب الدولي، عن طريق البكتريا المعدلة من أشكال ونماذج القاعدة وداعش والنصرة وغيرها التي تستغل الوجه الديني أبشع إستغلال للوصول إلى تأسيس خلافة مزعومة تم الإنتهاء منها منذ أكثر من مئة عام، ليتم تلميعها من جديد من خلال أصولية بغيضة لاتنم عن جوهر الدين والمعتقد الديني لا من قريب ولا من بعيد، وإنما تعتمد على إستغلال المعتقدات الدينية في منطقة الشرق الأوسط من خلال تاريخ حافل بالنزاعات الدينية والعرقية والاثنية. وقد كان للصدام الدولي بين الشرق والغرب بشأن التنازع على النفوذ في منطقة الشرق الاوسط وبالذات على درة هذه المنطقة، وهي بلاد الشام و بالأخص سورية، أثراً مركزاً لاستعمالها أرخص إستعمال مع الحفاظ على أمانة و سلامة بلادهم و كل من حارب و تدخل في الشأن السوري من قوى إقليمية ( محلية و دولية ).

لا أريد الغوص أكثر في شرح أكبر لتفاصيل هذه الازمة، فالشيطان يكمن في التفاصيل دائماً و الجميع منا ذاكرته مازالت حاضرة وخاصة أن الإعلام بكل ألوانه قد ساهم في صب الزيت على النار وكان له الباع الأكبر في تسخين كل الجبهات، وقد لعبت هذا الدور كل الجهات الإعلامية ومن وراءها من ممولين .

ما أريد قوله واضح و مرئي بين السطور لكن حتما أن القوى العظمى التي قسمت المنطقة في القرن العشرين بعد سقوط و إنهيار الدول العثمانية وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، هي ليست نفس القوى العظمى الآن التي تحكم العالم في القرن الواحد والعشرين والتي تريد من الحرب في سوريا رسم خارطة جديدة لمنطقة الشرق الاوسط الكبير والجديد و توزيع ثرواته  بحسب حجم و قوة الدول المشاركة في هذه الحرب و بحسب مكانته الاقتصادية والعالمية بين القوى العشرين في العالم .

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى