شرفات

اكتشاف جمال الزعبي لسريّ : أنا خائف من العام الجديد !

أيقظتني عباراتُ صديقي الأستاذ جمال الزعبي، وهو يحكي عن كتاباتي التي أنشرُها في بعض الصباحات، أيقظتني من سُبات حالم، فقد اكتشف أن ما أكتبه من خواطر الصباح على صفحتي في موقع الفيس بوك  يحكي دائماً عن غرفة مغلقة ونافذة وعن حلم يتجدد بعصافير ستأتي وحمامات تطل بين فترة وأخرى!

استعدّتُ شيئاً مما نشرته من تلك الخواطر، فإذا به يضعُ يدَه على الجرح، نعم فما علّق به الأستاذ جمال صحيح، وأنا أعيشُ في زنزانة منذ نحو أربعين عاماً ، زنزانة حاولتُ كثيراً أن أكسرَ جدرانها، فلم أستطعْ إلى أن تمكنتُ من فتح نافذة صغيرة بحجم شاشة تلفاز، وصرت أطلّ منها على العالم !

هل تصدقون أنني أفكرُ جدياً بإغلاق تلك النافذة لكي لا أرى أيّ صورة من هذا العالم الموحش . قلتُ في نفسي : سأفاجئ جمالاً بخواطرَ أكثرَ سواداً، وسأغلقُ النافذة واطردُ العصافير المتجمعة عند حافتِها ، ثم أتكئ على عتمتي وأنتظرُ تغيّراً ما في هذا العالم ، فهل سيتغيّر!

تذكرتُ احتجاجي على الشاعر الكبير نزيه أبو عفش ، عندما عاتبتُه على السوداوية في أشعاره وخواطره ، فإذا بي أقعُ في الحالة نفسِها ، ألم يكتبْ نزيه عندما اتخذ الحائط شقيقا له :

“فوقي ليلٌ ، وتحتيَ ليلْ.

إلى يميني ليلٌ ، وإلى يسارِ قلبيَ ليلْ.

وأنا مَضمومٌ كالدُّودةٍ في أحضانِ نفسي.

لا! لا تُشفِقوا علَيَّ، ولا تَـتَـأوّهوا نيابةً عني!

أنا لستُ وحيداً بالمطلَق:

قلبي مُـتَّـكِئٌ على قلبِ شقيقهِ الحائط

وأنا.. أحلم.! ”

نعم . كتبَ نزيه أشعاراً أكثرَ سوداوية مما تتوقعون، سوداوية إلى درجة الفاجعة، وهذه الأيام، أشعر أن خوفي من العام القادم 2022 مشروعٌ ويحملُ نبوءة إنسان ، وأنني أنضمُ تلقائياً إلى رؤية الشاعر الكاشفة، التي تختلف عن رؤية السياسي الذي  يتابع ما يجري من حوله ويحصي المطيات بالأرقام!

هو خوفٌ نابعٌ من الأعوام التي سبقته، عاماً إثر عام، من عام 21 ، وعام 20، وعام 19، وصولا إلى عام 1982 ، وكانت تلك أول مرة في حياتي أجلس فيها وحيداً في غرفة بلا نوافذ ، النافذة كانت في السقف، فكيف يمكن أن لإنسان أن يرى العالم من نافذة في سقف الغرفة!

في ذلك الوقت رأيتُ العالم يتجه إلى الظلمة، ورأيتُ الفجيعة قادمة من خلال مأساتي، ثم رحتُ أرسمُ شموساً على الجدران لعلها تضيء !

كنت أرى العالم من خلال الحلم، فعندما تستلقي وتحدق في تلك النافذة المفتوحة على سقف، لا تجد أمامك سوى الحلم يأخذك بعيداً عن تلك الظلمة، وكانت أحلامي تشبه الكوابيس ، وظلت على هذا النحو ، تخرج من نافذة متمردة على الجدران، وتطير إلى فوق، تتحول إلى عصافير وفراشات وحمام، إلى أن اكتشف جمال الزعبي أن هذه العصافير والحمامات والفراشات هي نفسها ، أي أنه اكتشف سرَّ الكتابات التي أنشرها بين صباح وآخر !

أنا أخاف من العام القادم ، وخوفي مشروع ، فنبوءة الشعراء هذه الأيام، تلتقي مع نبوءات العرافين (!!)، ويقول العرّافون عن السنة الجديدة إنها مليئة بالكوارث والمآسي والاغتيالات والمفاجآت غير السارة، حتى أن بعضهم توقعَ خرابَ العالم، فهل يمكن أن يُصاب العالم الموحش بالخراب؟!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى