كتاب الموقعنوافذ

الرؤساء إذا راحوا

الرؤساء إذا راحوا …يقول محمد حسنين هيكل: “ومع أن الرئيس مبارك وصل إلى قاعة المحكمة، ممدداً على سرير طبي دخل به إلى زنزانة حديدية، فإن التهم التي وجهت إليه لم تكن هي التهم التي يلزم توجيهها، المنطق، في محاكمة أي رئيس دولة، أن تكون محاكمته على التصرفات التي أخلّ فيها بالتزامه الوطني والسياسي والأخلاقي وأساء بها إلى شعبه، فتلك هي التهم التي أدت للثورة عليه”. بينما يحاكم مبارك الآن جنائياً تحت سؤال: هل أمر بإطلاق النار على المتظاهرين في ميدان التحرير؟.

في كتابه الأخير…الأخير “مبارك وزمانه ـ من المنصة إلى الميدان” يحاول هيكل التعرف على رئيس بلاده الذي حكم مصر ثلاثين عاماً. التعرف على رجل دولة لم يعرفه جيداً، وبما يكفي للحديث عنه على نحو دقيق وواضح… حتى أقرب الناس إليه.

لقد بدأت حياة مبارك بموت حياة السادات. كان إلى جواره عندما أطلق خالد الإسلامبولي الرصاص على السادات في منصة الاحتفال ب 6 أكتوبر، وقد نجا مبارك لأنهم يريدون السادات فقط. هيكل يستغرب أن يبقى حاكم 30 سنة، وهو لا يبدو عليه أنه كان جاهزاً لهذه المهمة حتى عندما عينه السادات نائباً له. يقول مبارك واصفاً عصره: “إنه زمن الإنجاز الأعظم في التاريخ المصري، منذ محمد علي”.

في رده، فيما بعد على سؤال أمير سعودي يتعلق “بتوريث ابنه جمال” قال بلهجته المصرية:” يا راجل حرام عليك.ماذا أورث ابني؟ أورثه خرابة؟ “فكيف يستوي عهد الإنجازمع عصرالخرابة؟

في محاولته للتعرف والتعريف بالرئيس، بعد أن أزاحته ثورة يناير 2011 يورد هيكل حوادث وقصصاً لا تخلو من الطرافة، وتثير الفضول للتلصص على أحوال القادة والرؤساء.

المهم ثمة طرائف في هذا الكتاب تضاف إلى قيمته كوثيقة عن عصر مبارك…

من هذه الطرائف: الكاتب فتحي رضوان يقابل الرئيس مبارك بناء على طلبه. وفي سياق الحديث، أراد مبارك أن يقول إن المنصب لم يغيره:” فأنا عندما كنت ضابطاً، ونائباً للرئيس، والآن.

“تصدق بالله ـ يا فتحي بيه ـ انا لا أزال، وأنا رئيس الجمهورية،أمسح حذائي صباح كل يوم بنفسي. أجلس على الأرض، وأمسح الحذاء بالورنيش، ثم بالفورشه، وبعدها قطعة قطيفة ألمّعه بها”.

ومنها أيضاً الكاتب الساخر محمود السعدني في مقابلة ـ بناء على طلب الرئيس ـ يروي ما يلي:

جلست مع الرئيس ساعة كاملة كلها ضحك ونكت، وعندما حان موعد انصرافي سألته، مشيراً إلى المقعد الذي يجلس عليه:

ـ ياريس… ما هو شعورك وأنت تجلس على الكرسي الذي جلس عليه “رمسيس الثاني” و “صلاح الدين” و “محمد علي” و”جمال عبد الناصر”؟

بماذا تظن (يروي لهيكل الحكاية) أنه أجاب؟

نظر إلى الكرسي الذي كان يقعد عليه، والتفت إلي وسألني:

هل أعجبك الكرسي؟

إذا كان عجبك… خذه معك.

ويخبط محمود السعدني كفاً بكف ويقول: خرجت وطول الطريق لم أفق من الصدمة.

وكان تعليقي: الحق عليك وليس عليه. لماذا تحدثه بالرمز؟

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى