نوافذ

الشطرنج : رقعةُ حياة !

اليمامة كوسى

عندما نتحدث عن الاختراعات في القرن الواحد والعشرين؛ تلك التي تتسابق لإبهارنا يوماً تلو آخر بما لا يدع مجالاً للشك بعدم محدودية الذكاء البشري والعظمة اللانهائية الموضوعة في قلب تلك التلافيف المخية الفضولية..

لا بدّ وأن يستحضرنا الحديث عن لعبة شهيرة كانت عبر التاريخ لعبة العلماء العباقرة والنادي الرياضي لكمال عقولهم كما هي الحال بالنسبة لنوادي كمال الأجسام اليوم..

إنها لعبة الشطرنج؛ تلك اللعبة التي أرهقت علم الاحتمالات وهي تفتح في العقل البشري المعقّد سراديبَ عجيبةً لم يسبق لأحدٍ أن وطِئَها، كيف لا و(الشاطورنجا) كانت الاختراع الذي قدّمه الوزير العبقري الحاذق “صصه بن داهر” إلى ملك الهند “شهرام” طالباً منه مكافأةً من القمح لم يستطع إنتاج العالم بأسره حينها أن يوفّيه قيمتها!

ربما ليس من الغريب القول بأنها أكثر من مجرد لعبة؛ فيمكن لنا أن نسقط تلك الرقعة على حياتنا..

فما أشبه حياتنا برقعة الشطرنج؛ أصنافٌ شتّى من الأحجار المحتشدة تُجاهد للبقاء لأطول فترة ممكنة، وتحمل خلف طيّات اللونين الأسودِ والأبيض التي تبدو عليهما أتلالاً من الألوان المختلفة، فلكلّ منها قدراته، مزاياه، عيوبه، عِقَده، مخاوفه، أفكاره، والكثير الكثير.

والأهم من كل ذلك، إنّ المعارك فيها ليست جماعيةً وحسب، بل لكلّ من هذه القطع معاركه الخاصة التي يخوضها- سواء مع نفسه أم مع من هم في الجوار-، وهذا كلّه في منأى عن الحروب الأخرى المفروضةِ عليه.

نعم إنّ حياتنا كرقعة الشطرنج ؛ بقدر ما تبدو عليه مرتّبة، بسيطة و ذات خطوطٍ منتظمة لها مسار واحد معروف؛ بقدر ما هي معقّدة، فوضوية وبلا قواعد واضحة.

نقلةٌ واحدة غير متوقّعة كفيلة بأن تزلزل الرّقعة بكاملها وتقلب الموازين رأساً على عقب!

لا شيء مطلق هنا، ولا إنصاف في القول عن نقلة ما بأنها جيّدة أو سيئة ففي ذات الوقت الذي قد تكون فيه مُنقذة لأحدهم؛ تكون مدمّرة لآخر!

ولذلك أيها الماكثون فوق هذه الرقعة، المجابهين لكل ما فيها من معارك؛ كونوا ثابتين أقوياء، فلكل منا دوره الذي يتوجب عليه القيام به.. ولكل منّا رسالته الخاصة التي خُلق من أجلها..

فلا ترضوا أن تكونوا إلا أسيادَ رقعتكم.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى