
فجأة وجدتُ نفسي بين مجموعة واتس آب نشطة تحت اسم (المتقاعدون، أعلام من الصحافة)، وقد سُعدّتُ بهذه المجموعة، وأذكر أنه ومنذ ثلاثة أشهر نشرت تعليقاً من عدة كلمات عن التغييرات في البلاد وسقوط بشار الأسد، من دون أن أسيء حتى للرئيس المخلوع، فما هي إلا لحظات حتى برز تعليق أحدهم يتهم كلماتي المقتضبة بأنها (خطة بندر)!
يالطيف، معقول أن يفكر بندر مثلي!
استغربت، ثم نشرت رداً سريعاً، ثم حذفته، وقررت عدم كتابة رأيي أبداً، معتقداً أن مجموعة الصحفيين المتقاعدين ورطتني مع هذا المجهول/ المعروف.
رغم هذا التطور المفاجئ لم أنسحب من المجموعة، وكان الفضول يدفعني لقراءة أخبار الشباب من الأصدقاء والزملاء، ولم أكن أعلق أبداً على ما يكتب، وهكذا إلى أن صار واجبي اليوم أن أقرأ ما يكتبون ولا أتردد، لأن كثيرين ممن كتبوا في المجموعة جعلوني أستغرب هذه الحيوية في التعاطي مع الأحداث والقضايا الحياتية والمطلبية للصحفيين .
وشيئاً فشيئاً راحت الآراء السياسية تتسلل إلى المجموعة، وهذا طبيعي، ونشأ حوار طريف، سريع أحياناً، لكنه واضح المعنى، وبدأت تنشأ خلافات بين أصحاب الرأي، وحاول الزميل أيمن الحرفي، وهو محرر المجموعة، ضبط المسألة، فطلب ذكر الأسماء، وطلب التدقيق في المعلومات، وطلب نقل الحوارات غير الناضجة والواضحة إلى مكان آخر..
وهكذا إلى أن أصبحت أقرأ ما يكتب في المجموعة وكأني واحد منها، وطبعا استمرت مقاطعتي لها من زاوية الكتابة أو التعليق.
الصحفيون السوريون مظلومون ، وأنتم تعرفون أنني صحفي ولم أدخل أي معترك من أنشطة اتحاد الصحفيين منذ خروجي من السجن ، ولأن اتحاد الكتاب كان الوعاء الأفضل بالنسبة لي فقد حصرتُ نشاطي فيه، وكنت أعتقد أن الصحفي السوري موظف وليس إعلامياً، كما وصفه الوزير الأسبق محمد سلمان في اجتماع معهم ومع مخرجي الدراما، في قاعة الاجتماعات في مبنى الإذاعة والتلفزيون ــ العلاقات العامة حالياــ (عام 1992) في رد على رأي طرحه الكاتب والصحفي المعروف حسن .م يوسف، وكان الوزير المذكور قد رحب بنا بزلة لسان خاطب فيها المخرجين بالمخبرين ثم تدارك الأمر سريعا..
لذلك نأيت عن الاتحاد لأنني لايمكن أن أكون إعلاميا وأفقد هوية الصحفي التي نفاها محمد سلمان وقد تغيرت مواقفه كثيرا بعد عام 2011 ، ومع متابعتي للمجموعة اكتشفت أن الزملاء ليسوا كما تم وصفهم في ذلك الاجتماع بل هم مهنيون وأصحاب رأي وإن كان بينهم نماذج لا أوافق عليها ، الحوار معهم جميل ، وطريف أحيانا، وهناك صحفيون كان يجب أن تُعرَف أسماؤهم أكثر في الإعلام ..
إن فكرتي التي أريد أن أوصلها هي أن هذه المجوعة من (الصحفيين المتقاعدين) أكثر نشاطاً وأكثر وضوحاً من الصحفيين الموجودين على رأس عملهم، وبالتالي من المفيد الإطلاع على حواراتهم، وتحفيز الموجودين على رأس عملهم على أن يكتبوا ويحكوا عما يجول في خاطرهم بمهنية ومسؤولية، والكف عن الثرثرة تحت الطاولة !
بوابة الشرق الأوسط الجديدة