افتتاحية الموقع

العالم بين السيطرة الأميركية , و النفوذ الصيني : حرب مدمرة، أم صراع موجع ؟!

العالم بين السيطرة الأميركية , و النفوذ الصيني حيث يزداد التوتر كل يوم بين أميركا و الصين، و كما قال كسينجر، قبل أيام، فإن القوتين الأميركية والصينية  تمتلكان اليوم السلاح النووي المتطور إضافة إلى إمكانيات تكنولوجية هائلة، و قدرات إقتصادية بالغة . كل ذلك سيجعل الصدام بينهما مدمراً للعالم . فهل يواجه العالم إمكانية الإنزلاق إلى هذه الهاوية ؟؟ و هل سيصل الأمر بالقوتين العظميين إلى حد التهور و ارتكاب الإشتباك العسكري الذي لن يبقي و لن يذر ؟؟

لفهم الوضع العالمي علينا أن نعرف أن الصين وأميركا ترتبطان بعلاقات ذات ثلاثة أقانيم . الأول علاقات تنافس إستراتيجي . الثاني علاقات تعاون . والثالث علاقات عداء متبادل . و إذا كانت علاقات التنافس ، والتعاون  يمكن أن تكون ذات مردود مفيد للعالم فإن علاقات العداء بينهما تهدد أمن واستقرار ووجود العالم في معظم دوله و شعوبه .

الخلاف الحقيقي بين الصين أميركا

الخلاف الحقيقي بين الصين و أميركا ناشئ عن التسابق بينهما لامتلاك ناصية القرن الواحد و العشرين . . يريده بايدن، كما قال قبل أيام أمام الكونغرس، قرناً أميركياً، والرئيس الصيني حسب تصرفاته يرده صينياً . و تعتمد كل قوة من القوتين على فهم خاص بها للطريقة التي ستمكنها من إمتلاك القرن . أميركا تريد إمتلاكه عبر ( السيطرة ) على قيادته إقتصادياً و سياسياً وعسكرياً بينما الصين تسعى لإمتلاكه عبر مد ( النفوذ ) الإقتصادي والتنموي و التكنولوجي ، الذي يترجم تلقائياً إلى قوة سياسية وعسكرية. و تتسلح كل من أميركا والصين بإيديولوجية تحركها أو تبرر سعيها لإمتلاك القرن .

أميركا تتمسك بدورها في حماية حقوق الإنسان والديمقراطية . و تنصب نفسها حامية لهذه المبادئ ،  بينما الصين تعتمد إيديولوجيا إستقلال و سيادة الدول على قرارها وحقها في إختيار الإسلوب الذي تراه مناسباً للحكم و الإدارة فيها. وهكذا فإن واشنطن وإنطلاقاً من مزاعم الدفاع عن الديمقراطية تتهم الصين بالإستبداد و السعي لنشره، وهذا عدوان على القيم الأميركية .. بينما ترى الصين في السياسة الأميركية تدخلاً بشؤون الشعوب الأخرى.وهو تدخل يعتدي على سيادة وإستقلال هذه الشعوب . و بين الديمقراطية كإيديولوجية أميركية  وبين السيادة والإستقلال كإيديولوجية صينية . تستعر حرب إيديولوجية أيضاً تغطي بعض جوانب التسابق بينهما على إمتلاك القرن الواحد والعشرين .

رغم أن الصدام العسكري والحرب بين الصين وأميركا  مستبعد، وغير معقول، ويحتاج إلى جنون غير موجود لدى الطرفين . لكن الصراع بينهما محتدم ومستمر، و ربما يتصاعد بما يؤثر على العالم سلباً . و إذا كانت الحرب المستبعدة مدمرة فإن الصراع المتصاعد إقتصادياً و سياسياً و تكنولوجياً موجع و مؤلم.  وعلى الأمم كافة السعي لتخفيف هذا الصراع . و إن كان هذا صعباً عليهم تحقيقه فأضعف الإيمان أن تجد كل أمة السياسة والخطط التي تجعلها بمنأى عن نتائج الصراع الموجعة . لأن ما تتحمله القوتان المتصارعتان من أوجاع الصراع لا تحتمله أمة أخرى ، كأمتنا العربية، ولا تقوى على تحمل آثاره و نتائجه .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى