تحليلات سياسيةسلايد

انهيار الانتخابات في ليبيا ينذر بصدامات مسلحة

انهيار الانتخابات في ليبيا ينذر بصدامات مسلحة حيث قال البرلمان الليبي إن الانتخابات الرئاسية لن تُجرى في موعدها المقرر  الجمعة دون أن يحدد موعدا جديدا لها، مما يترك عملية السلام المدعومة دوليا في حالة من الفوضى ويلقي بظلال من الشك حول مصير الحكومة المؤقتة، بينما تسود مخاوف من العودة إلى مربع النزاعات المسلحة.

وقال الهادي الصغير رئيس لجنة الانتخابات في البرلمان الليبي في خطاب رسمي موجه لرئيس مجلس النواب “استنادا إلى الاجتماعات واللقاءات مع مفوضية الانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء وكل الأطراف المعنية، وبعد اطلاعنا على التقارير الفنية والقضائية والأمنية، نفيدكم باستحالة إجراء الانتخابات بالموعد المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول”.

وعبر السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند اليوم الأربعاء عن “خيبة أمله” إزاء تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة يوم الجمعة وقال “يجب أن يكتسي العمل باتجاه الانتخابات أولوية، بما يتماشى مع رغبات عموم الليبيين القوية”.

وأضاف في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي أنه يجب على القادة الليبيين “التعجيل بمعالجة جميع العقبات القانونية والسياسية أمام إجراء الانتخابات، بما في ذلك وضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين للانتخابات الرئاسية”.

وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية غابريال أتال إن فرنسا ما زالت “متمسكة بحسن سير العملية الانتخابية حتى نهايتها”، فيما أعلنت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك أن بلادها “تعمل بتعاون وثيق مع الأمم المتحدة حتى تتم هذه الانتخابات لأنها ذات أهمية كبرى”.

واقترحت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا اليوم الأربعاء إرجاء الانتخابات لمدة شهر، مؤكدة تأجيلا كان متوقعا على نطاق واسع في ظل الخلافات الراهنة بشأن القواعد الحاكمة للعملية الانتخابية، بما في ذلك أهلية عدد من المرشحين الرئيسيين لخوض الانتخابات.

وأظهرت الخلافات أوجه القصور في انتخابات رئاسية ترشح لخوضها شخصيات غير مقبولة على نطاق واسع مثل سيف الإسلام نجل معمر القذافي وخليفة حفتر القائد العسكري الذي هاجم طرابلس.

وأصبحت عملية السلام على المحك وكانت تعتبر الأمل الوحيد منذ أعوام لإنهاء عقد اتسم بالفوضى والعنف منذ انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بمعمر القذافي في 2011.

وسجل عدد كبير من الليبيين أسماءهم بالفعل للتصويت في الانتخابات، وهو ما يقول سياسيون من كافة الأطراف في ليبيا إنه مؤشر على رغبة شعبية قوية في إجراء انتخابات.

لكن مع التعبئة التي تقوم بها جماعات مسلحة في طرابلس وغيرها من المناطق في غرب البلاد، ينذر انهيار العملية الانتخابية بتصاعد الصراعات المحلية وبتفجير جولة جديدة من القتال.

كما قد تقوض الخلافات بشأن خارطة الطريق عملية السلام الأشمل المدعومة من الأمم المتحدة بين المعسكرين الرئيسيين في شرق البلاد وغربها، اللذين التزما بوقف إطلاق نار منذ العام الماضي.

وحذرت بعض الشخصيات المعروفة في شرق البلاد من أن تشكيل حكومة انفصالية جديدة قد يعيد ليبيا إلى الانقسام بين حكومتين متناحرتين الذي استمر منذ آخر انتخابات في 2014 حتى تشكيل الحكومة الانتقالية الراهنة.

وتحدثت الفصائل والمرشحون والقوى الأجنبية خلف الكواليس بشأن ما إن كان من الممكن إجراء الانتخابات بعد تأجليها لفترة قصيرة أم أن هناك حاجة لتأجيل أطول من أجل الوصول لاتفاق بشأن الأساس القانوني للتصويت.

وذكرت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز على مواقع التواصل الاجتماعي أنها اجتمعت مع أعضاء المنتدى السياسي الذي حدد مسار عملية الانتخابات في العام الماضي، وأكدت على ضرورة إجراء “انتخابات حرة ونزيهة وتتسم بالمصداقية”.

وفي الوقت نفسه يواجه وضع الحكومة المؤقتة التي جرى تشكيلها في مارس/آذار ضمن عملية السلام، تهديدا بعد أن سحب البرلمان المتمركز في الشرق الثقة عنها في سبتمبر/أيلول.

وذكرت اللجنة الانتخابية البرلمانية في بيان اليوم الأربعاء أن تفويض الحكومة المؤقتة سينتهي يوم الجمعة، لكن فصائل رئيسية ومؤسسات سياسية أخرى قد تتمسك بالحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة أيضا.

ومنذ بدء عملية التحضير للانتخابات الرئاسية قبل أسابيع، سُجلت حوادث أمنية في بعض المراكز الانتخابية غرب ليبيا، إلى جانب محاصرة مسلحين مقر محكمة سبها جنوب البلاد لأيام، قبل السماح لها بالعمل مجددا لتقبل طعن سيف الإسلام القذافي بشأن قرار مفوضية الانتخابات استبعاده، وتعيده إلى السباق الرئاسي.

وقال جلال الفيتوري أستاذ القانون الليبي إن المحاولات الجارية الآن تصب جميعها في محاولة “انعاش الانتخابات” التي تواجه تحديات غير مسبوقة.

وأضاف “منذ البداية كان خطر عدم إقامة الانتخابات في موعدها أو التهديد بذلك الهاجس الأكبر لدى الليبيين والمجتمع الدولي على حد سواء، لأن القوانين التي أقرت لإجراء الانتخابات مشوهة إلى حد كبير، إلى جانب غياب الظروف السياسية المتزنة، واستمرار الاستقطاب الحاد بين مختلف الأطراف السياسية”.

ووصف أستاذ القانون المحاولات الجارية الآن بأنها محاولات للتأجيل أو لإزاحة العراقيل المتسببة بتعذر إقامة الانتخابات وهي “لن تنتهي بسهولة وربما تحتاج إلى أشهر طويلة لتهيئة الظروف”.

وتابع “المفوضية منفصلة عن الواقع السياسي إلى حد كبير وتعتقد أن مجلس النواب قادر على إزالة المعوقات أمامها لإجراء الانتخابات بعد شهر من الآن، وهو توصيف قاصر للأزمة التي تواجه العملية الانتخابية المرتبطة بلاعبين سلبيين في الداخل الليبي والخارج الأجنبي”.

كما لفت إلى أن “رفض العملية الانتخابية الذي ترافقه توترات أمنية كلما اقترب موعده، دليل على أن البيئة غير ملائمة على الإطلاق في الوقت الراهن لإجراء انتخابات مع استمرار غياب التوافق الواسع والاندفاع نحوها”.

وجرت الدعوة لإجراء الانتخابات في إطار خارطة طريق تدعمها الأمم المتحدة تنص على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة في 24 ديسمبر/كانون الأول الذي يوافق العيد الوطني لليبيا.

ومع ذلك ليس هناك اتفاق على الأساس الدستوري للانتخابات أو على القواعد التي ستجري على أساسها بين المؤسسات السياسية المتشرذمة في البلاد. وفي سبتمبر/أيلول، أصدر رئيس البرلمان عقيلة صالح وهو نفسه مرشح رئاسي، قانونا قال منتقدوه إنه صدر بشكل معيب وخرج عن خارطة الطريق وصيغ بطريق تصب في صالحه وصالح حلفائه.

وشكل هذا القانون الذي فصل الانتخابات الرئاسية عن الانتخابات البرلمانية، أساس العملية الانتخابية على الرغم من أن فصائل قوية ومرشحين رئيسيين رفضوه.

وفي ظل الاتفاق المحدود للغاية على القواعد أو على من سينفذها أو على آلية الفصل في المنازعات، فإن دخول شخصيات خلافية بدرجة كبيرة في سباق انتخابات الرئاسة أدى إلى انهيار العملية الانتخابية.

وقال عماد السايح رئيس المفوضية إن العملية واجهت مشاكل لأن القواعد لم تكن كافية للتعامل مع الطعون والخلافات بشأن أهلية الترشح.

والمرشحون الثلاثة الأبرز في الانتخابات هم القائد العسكري في شرق ليبيا خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي ورئيس الوزراء الحالي عبدالحميد الدبيبة وهم أيضا أكثر ثلاثة يثور بشأنهم الخلاف، فحفتر وجه غير مقبول لكثيرين في الغرب بعد هجوم 2019-2020 على طرابلس الذي دمر أجزاء من العاصمة.

وأدانت محكمة في طرابلس سيف الإسلام في جرائم حرب وهو مكروه من كثيرين حاربوا في انتفاضة 2011 لكنه يحظى بدعم في سبها وفزان.

ووعد الدبيبة لدى توليه منصب رئيس الوزراء، إنه لن يترشح للرئاسة واستمر في عمله كرئيس للوزراء في فترة التحضير للانتخابات مما دفع العديد من منافسيه للقول إنه تمتع بميزات غير عادلة.

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى