بين قوسينكتاب الموقع

كيف يصبح الانسان .. قديساً…؟؟

كيف يصبح الانسان .. قديساً…؟؟ عندما يطلق ملثم مجهول  النار على إنسان لم يفعل شيئاً في حياته سوى أنه كرس نفسه وحياته لخدمة الانسان أياً كان لونه أو دينه أو طائفته .. إنسان ترك بلده الأصلي هولندا بعد أن أصبح كاهناً يسوعياً، وعاش في سوريا متنقلاً بين مدنها حاملاً رسالة التآخي والسلام من خلال تأسيس:

1- مشروع الأرض:

أو ما أطلق عليه مملكة الفرح وهي جنة صغيرة على أرض سوريا قريبة من مدينة حمص تحوي مدرسة لذوي الحاجات الخاصة .. ومعمل للنبيذ الفرنسي ومعمل لصناعة الفخار وتحوي عرائش عنب وأشجار زيتون والعديد من أشجار الفاكهة .. كما حوت على معبد من الحجر الأسود مرحباً بجميع الديانات لتتشارك صلاتها فيه .. وهي كانت، حتى اللحظة الأخيرة، الرسالة الأهم للأب فرانس في سبيل التوحد والعيش المشترك في سوريا.
كان الأب فرنسيس يستقبل قبل الحرب في سوريا الكثير من المجوعات المتنوعة طائفياً ودينياً،  تأتي لتمارس الرياضات الروحية، وتتعرف إلى بعضها البعض كسوريين متنوعي الطوائف والديانات ومتعايشين بمحبة وتآخٍ .. وبعد الحرب تحولت الأرض إلى ملجأ لعدد كبير من النساء والأطفال المهجرين من بيوتهم .. تدعمهم وتقدم لهم حاجاتهم الأساسية.

2-المسير:

وهو السير على الأقدام بمجموعات متنوعة من كل الأطياف والفئات للتعرف على سوريا سيراً على الأقدام ، والتعرف على طبيعتها، إضافة لمحاضرات ومناقشات روحية واجتماعية قادها الأب فرانس، حاضر فيها وأصغى ونصح وكان دوماً في الخط الأول من المسير رغم عمره .. ليقول لمجموعته (( الى الأمام )) رغم التعب والارهاق .. الى الأمام ..

3- ألف عدة كتب ومنشورات تتمحور حول السمو الانساني منها (من أنت أيها الحب ؟؟ )-( الاصغاء والحب )– (من الفشل إلى النجاح)

ثم وبعد حصار حمص القديمة، اختار البقاء فيها مع بعض الأهالي الذين رفضوا الخروج .. لم يخفْ ولم يترك رعيته .. عاش معهم الجوع والعطش وقلة الدواء .. كان لا يميز بين مسلم ومسيحي لذلك أحبه الجميع .. رفض الخروج وسعى جاهداً للصلح والتسامح بين جميع الأطراف وهو الذي قال (( لمن أخرج من حمص طالما أن هناك إنساناً واحداً مسلماً كان أم مسيحياً ..)).. قبل أن يقتله شاب ملثم داخل ديره .. ودفن بناء على طلبه في حديقة الدير مكانه المفضل لشرب الشاي والقراءة.
فمن أطلق النار هو لم يقتل فقط شخص الأب فرانس .. إنما حاول قتل فكره وانسانيته .. قتل أمل المحبة والسلام الذي حمله لسوريا ولأجل سوريا في نفوس من يؤمنون برسالته .. الكثير الكثير من السوريين تم اغتيالهم وتصفيتهم بدم بارد .. الكثير يموتون يومياً والعالم يتفرج ويشجب ويندد ولكن اغتيال هذا الأب الانساني هي رسالة موجعة أصابت صميم الانسانية وفكر التسامح والتآخي والعيش المشترك.. وأطلقت عليها رصاصة حقد ..
لذلك أحببت أن أكتب بعضاً من سيرته الذاتية ليعرف العالم أن من اختار سوريا وطناً له .. هو إنسان عرف أن سوريا هي شعلة المحبة والسلام التي حملها الرسل والأنبياء الى العالم .. ولو قتلوا الأب فرانس فإنهم لن يستطيعوا إطفاء هذه الشعلة لأنها موجودة هنا أصلاً.. وستسطع من جديد باستمرار فكر ورسالة وإنسانية هذا الانسان القديس .. الذي يحملها معه الكثير الكثير من السوريين الانسانيين.

16.04.2014

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى