“قسد” تحاصر الحسكة والقامشلي.. ما أبعاد التصعيد الكردي وأهدافه؟

 

منذ بداية الأزمة السورية، لم تكن علاقة الفصائل الكردية مبهمة بطرف بقدر علاقتها مع الحكومة السورية. فالمفارقة  تكمن في أن قوات سوريا الديمقراطية “قسد” تفرض حصاراً على مراكز الدولة السورية والمناطق التي تسيطر عليها في الحسكة والقامشلي، بينما تقطع تركيا المياه عن المنطقة نفسها حصار مزدوج تفرضه “قسد” في مدينتي  الحسكة والقامشلي، إغلاق للمداخل والمخارج الواصلة للأحياء التي يسيطر عليها الجيش السوري، ومنع وصول المواد الغذائية إليها ذريعة “قسد” في هذا التصعيد الأمني، هو الرد على حصار تفرضه قوات الجيش السوري على تل رفعت، وأحياء الشيخ مقصود، والأشرفية في حلب، كما تقول، وهو أمر تنفيه المصادر الرسمية تماماً.

ولكن لا مفاجآت في الحصار، الذي جاء استجابة لمطالب أميركية، من أجل التضييق على معاقل الدولة السورية في المدينتين، ضمن شروط أربعة أخرى، عشية وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، تشمل وقف توريدات النفط بشكل نهائي إلى مناطق الدولة السورية، وإنجاز الحوار الكردي الكردي، وتخفيف التوتر مع الجانب التركي.

ولا تبدو مهمة موسكو في الشمال السوري سهلة، وسط تعنّت الكرد، ومحاولاتهم المتكررة للتضييق أو الهجوم على معاقل الدولة السورية في المدن الرئيسية في مناطق سيطرتهم، وبين الضغط التركي بالمقابل على “قسد”، الذي يدفع ثمنه مليون مدني تقطع عنهم المياه للمرة الـ18 منذ احتلال أنقرة لمنطقة علوك قبل عام ونصف، وبين الأمن والمياه، تسعّر كل الأطراف الميدان للحد الأقصى، قبل معرفة الثمن الذي تريده واشنطن من كل طرف منهم.

قسد” تغلق الباب تماماً كما يبدو أمام أي تفاهم مع دمشق، إرضاء للأميركيين وللإدارة الجديدة، التي ضيّقت عليها هامش الوقت، والخيارات السياسية والميدانية، عشيّة وصول بايدن إلى البيت الأبيض، و قبل تحديد وجهة السياسة الأميركية الجديدة في سوريا.

فأي مصلحة تجمع “قسد” بأنقرة عدوتها اللدودة؟ هل تخشى أجندة بايدن؟ أم أن أصل تحركها يأتي بإيعاز أميركي؟ السؤال يبدو مشروعاً، لأن طلبات كردية كثيرة قابلتها دمشق بمرونة، ولا سيما بعد الوساطة الروسية.

وفي قراءة لما يجري، رأى مدير مركز دال للإعلام فيصل عبد الساتر في حديث للميادين أنه لا يمكن فصل حصار “قسد” للحسكة عن الطموحات الكردية، ربطاً بوصول الرئيس بايدن الداعم لهم وقال عبد الساتر إن “قسد” أفرجت عن العديد من عناصر تنظيم داعش المسجونين لديها بطلب أميركي، وأنه تمّ إرسالهم إلى منطقة التنف وأشار إلى أن هناك حركة تعمل على إعادة تنظيم داعش إلى سوريا والعراق، موضحاً أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تحدثت آنذاك عن مسؤوليتها عن وجود التنظيم في المنطقة ورأى أن النفق سيستمر في سوريا، وسط حالة من الانقسامات الداخلية، وأن الهدف الأساسي هو إراحة “إسرائيل”، واستمرارها في ضرب بعض الأهداف هناك، وأن هناك أهدافاً استراتيجية في سوريا لإعاقة أي تواصل بين العراق وسوريا، والاستمرار في تقطيع أوصالهما، لمنع سوريا من أن تتعافى بأي طريقة، وهذا يجد قبولاً من الدول اللاعبة في سوريا.

وأعرب عن أسفه لعدم وجود مواجهة حقيقية في مواجهة هذا المشروع الذي يخدم العدو الإسرائيلي واستهدافه لهذه المنطقة بصورة مستمرة من جهته، قال الكاتب والناشط السياسي ستيف غولدفيلد من كاليفورنيا للميادين، إن واشنطن تتبع نهجاً قائماً على التدخل، معتبراً أن هذا “غير مطمئن ورأى غولدفيلد أن نقل قوات أميركية من العراق إلى سوريا لحماية آبار النفط “ليس فأل خير وقال، “نحن نعرف أن تقوية تنظيم داعش وتحويله إلى قوة عسكرية هو نتيجة الحملة العسكرية الأميركية ضد حزب البعث في سوريا”.

وعن المستفيد من عودة داعش إلى سوريا، أكد غولدفيلد أنه “بالطبع الولايات المتحدة لأنها المسؤولة عن نشأة داعش والقاعدة معاً في المنطقة وأشار إلى أن السياسة الأميركية تبقى نفسها في كل الإدارات مع تغير الرئيس، حيث أنه يوجد في فريق بايدن الذين عينهم من يريد استمرار هذه السياسة في سوريا، وخاصة وزير الخارجية الأميركي كما لفت في المقابل إلى أن هناك العديد من الأميركيين يريدون أن يروا انسحاباً للقوات الأميركية من سوريا، لأنهم يفاقمون الوضع بدلاً من تحسينه، وأن أميركا ستستخدم هذا النشاط لاستمرار تعزيز قوتها العسكرية في هذه المنطقة.

بدورها، اعتبرت إيلينا سوبونينا مديرة مركز آسيا والشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية من موسكو، في حديث للميادين أن الكرد ما زالوا يستمعون إلى النصائح الروسية في سوريا ورأت سوبونينا أن مجيء إدارة بايدن قد يعطي إشارات خاطئة للكرد في سوريا، مشيرة إلى أن خلايا داعش ممكن أن تتحرك بنفسها في سوريا، مشددة  على أنه “نحن نحتاج إلى أدلة إضافية لتأكيد ظهور داعش في سوريا والعراق من جديد بأمر أميركي ولفتت إلى أن الإدارة الأميركية ارتكبت أخطاءً في العراق من خلال إضعاف مؤسسات الدولة العراقية والجيش العراقي. ورأت أن عودة داعش إلى سوريا والعراق يمكن أن يكون حجّة للأميركيين للبقاء في هذه المنطقة.

سوبونينا كشفت أن بعض الخبراء والمحللين الأميركيين ينصحون إدارة بايدن بزيادة عديد القوات الأميركية في سوريا والعراق، والانخراط العسكري فيهما، والإبقاء على المعادلة نفسها كما هي حالياً.

 

 

الميادين . نت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى