افتتاحية الموقع

تصعيد الحرب على غزة لإطلاق مسار حل سياسي أمريكي !

د.فؤاد شربجي

الانتباه لما قاله المستشار الإستراتيجي لمجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي قبل ايام من ‫أن (ما فعلته إسرائيل نادر جداً في الحروب، حيث أنها حذرت المدنيين في غزة وأرشدتهم عبر الخرائط إلى المناطق الآمنة من القصف) . الانتباه إلى هذا (التقدير الإنساني الأمريكي) للحرب العدوانية الإسرائيلية هو ما يكشف حقيقة الهدف من الهدن التي سعت لها واشنطن، وهو الهدف المتمثل بخلق (تبرير أخلاقي وقانوني) لتصعيد همجية أكبر في العدوان كما جرى وكما نتابعه في جنوب قطاع غزة بعد انتهاء الهدن.. أمريكا التي تخوض الحرب مع إسرائيل بشكل ما تبرئ نفسها بالحديث عن المتطلبات الإنسانية، وبدأت الترويج لأهمية (تحذير إسرائيل للمدنيين)  ليضاف إلى (زعبرة حق الدفاع عن النفس)  لتبرير ورعاية التصعيد الأكثر وحشيه وهمجيه ضد غزة كما يتابع الجميع على الهواء مباشرة .

‏بينما تقوم اللجنة العربية الإسلامية بجولتها الدولية للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، تستمر الادارة الأمريكية في تبرير استمرار سكب الحمم النارية على الفلسطينيين المدنيين. و لم يسلم من القصف حتى من لجأ إلى ما سمته أسرائيل مناطق آمنة.  وبينما حالة النظام العربي الرسمي المتفكك والمتناحر في سياسات دوله لا تتيح له اكثر من السعي الدبلوماسي لطلب وقف إطلاق النار. في هذه الأثناء  تسعى واشنطن والغرب الصهيوني لاستثمار هذه الحرب بهدف (إعادة هندسة المنطقة إستراتيجيا) بما يخدم المصالح الغربية الأمريكية الإسرائيلية الإستراتيجية، وهذا ما يتطلب إما شحن المنطقة بها لجس التنمية كبديل للحقوق الوطنية القومية العربية وهو ما يستدعي إلغاء العروبة كروح او طاقة تديم الهوية الوطنية القومية نابضة و حية.

وهذا بالضبط سر ورود عبارة (رفاهية الشعب الفلسطيني) أو مصطلح (الحياة الجيدة للفلسطينيين) في كل التصريحات الأمريكية التي تتحدث وترسم مرحلة ما بعد غزة، و هذا ما يعود للتعامل مع الفلسطينيين مجرد سكان يحتاجون لمتطلبات العيش و ليسوا شعباً له هوية وطنية و يترتب عليها حقوقاً وطنية و قومية .

‏في الأسابيع الماضية أوضحت واشنطن استراتيجيتها في المنطقة والعالم لما بعد غزة وأوكرانيا عبر افتتاحية للرئيس بايدن في الواشنطن بوست وعبر خطاب مسؤول الشرق الاوسط في مجلس الأمن القومي (بيرت ماركغورك) أمام حوار المنامة. وكذلك بما جاء في خطاب بلينكن أمام مجموعة السبع و بتصريحات (كاميلا هارس) نائبة الرئيس الأميركي في قمة المناخ في أبوظبي. والأساس في هذه الاستراتيجية أن (انتهاء الحرب في غزة لا يمكن أن يتم إلا إذا كان في سياق مسار حل سياسي يؤدي لرفاهية الشعب الفلسطيني ويرسخ الأمن الإقليمي). إذن هو (مسار حل سياسي) ينطلق من قضية فلسطين وحرب غزة ليصل إلى تحقيق (حياة جيدة للفلسطنيين) ولـ (ترسيخ امن إقليمي)، أي أنه حل سياسي يشمل المنطقة كلها.. فهل الحديث عن مؤتمر دولي للسلام هو أحياء لمسار يشبه او يستلهم مؤتمر مدريد ؟؟ وما دور الدول العربية الحقيقي فيه ؟؟؟ وما تأثير إيران عليه وعلى نجاحه، خاصة وأن مباحثات بينها وبين أمريكا جارية في مسقط ؟؟؟ وهل روسيا بعيدة عن حل يطال منطقة لها تأثير كبير فيها ؟؟؟ و الأهم ماذا عن المقاومة الفلسطينية التي تشكل الطرف الآخر في الحرب الدائرة ؟؟؟ أم ان التوجه يكمن في إلغاء مقاومة الشعب الفلسطيني ؟؟؟ و هل من الممكن تحقيق مثل هذا التوجه؟؟؟

‏الادارة الأمريكية استثمرت (طوفان الأقصى) لتحول ما جرى من هزيمة لإسرائيل إلى مسار حل سياسي يطال المنطقة، ويجري انضاجه بواسطة النار المسكوب على الشعب الفلسطيني وبواسطة البحث في توزيع النفوذ و التمدد و المكاسب على القوى الإقليمية بما لا يؤثر على الهدف الأمريكي المطلوب إنجازه. وتجاه ذلك فإن الضرورة تحتم على الدول العربية أن ينجزوا استراتيجية إنخراط عربي سياسي. إستراتيجية تتمسك بالعروبة وتطرح المطالب العربية كحقوق جامعة عبر موقف عربي منسق، ويطرح كرؤية عربية منسقة ومترابطه، خاصة وإنهم أصحاب الحقوق والشعب صاحب المنطقة.. هل يستعيد العرب عروبتهم وينسقوا مواقفهم.؟؟؟ للانخراط فيما يجري من هندسة للمنطقة ليحصلوا على حقوقهم القومية والوطنية و الأساسية.. و هل ستستفيد الدول العربية من قوة و حضور و فعل المقاومة الفلسطينية في طرحها السياسي ؟؟ أم أنها ستهمل هذه القوة الفاعلة كما تريد أمريكا ؟؟؟

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى