نوافذ

ثروة لبنان البحرية بين “الإسرائليين” وحكام لبنان

خاص من باريس

يعرف اللبنانيون جميعاً أطماع  ” إسرائيل” في ثروات لبنان البرية والبحرية ، ولا يستغربون ذلك من عدوّ  احتل أرضهم مرات عدة ، وهيمن على بحر لبنان وسمائه  إضافة إلى جزء من أرضه …وتكفلت المقاومة ، منذ إنشاء هذا الكيان  ، بمقاومته ودحره ومنعه ، حتى الآن ، من سرقة ثروة لبنان البحرية إضافة  الى ردعه وإجباره على أن  ” أن يقف على رجل ونصف “…!

لكن ما لا يفهمه اللبنانيون أن يتآمر حكامه  مع العدو ، ويتواطؤوا على سرقة هذه الثروات ،   وذلك عبر خطوات عدة ، تشير إلى ذلك بل تؤكده    …  إذ ” تبين أن هوكشتين لم يتطرق للترسيم البرّي وللنقطة B1 في بعبدا ولا في عين التينة، بل ان من تطرّق له كان الرئيس ميقاتي بصورة فاجأت هوكشتين والحاضرين، ‏وكان جواب الأخير أن لا مانع ، ولكن الترسيم البحري منفصل عن البرّي ، وسيؤدي جمعهما الى التأخير،فصمَتَ الميقاتي!

‏الجهل توأم التآمر..” ، كما قال  النائب اللواء جميل السيد ، في تغريدة له على التويتر ، ونشرها ، أيضاً ،  على الفايسبوك ، ما يعني أن نجيب ميقاتي – الذي حوّل  أكثر من ملياري دولار أمريكي الى خارج لبنان إضافةً الى ” مآثر “يعرفها اللبنانيون –  إلى  الأمريكيين و”الإسرائيليين ”  ، ويعرض عليهم ما لا يحلمون به ؛ لأن اللعب بالنقطة B1، يعني اللعب بكل الحدود المُرَسَّمَة  بين لبنان  والكيان الغاصب ، ويفتح الباب لهذا العدو كي  يسلب لبنان  كل نقاط ارتكازه ،المعترف بها دوليا ً ، منذ  العام 1922.

إن محاولة اللعب بالحدود البحرية والبرية  ، وامتناع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن توقيع تعديل المرسوم 6433 ، هو تتويج للتخلي عن الخط 29   ، الذي ينطلق مستقيماً من ” رأس الناقورة ” ، ويضمّ ما يسمّى ” حقل كاريش” ، إلى لبنان ،  باعتباره حقاً غير قابل للتشكيك والبحث ، استناداً  إلى الأسس العلمية والقانونية ،التي استندت إليها “مصلحة الهيدوغرافيا ” في وزارة الدفاع اللبنانية ، ورئيس الوفد اللبناني المفاوض السابق  العميد بسام ياسين ، وهذا التخلي هو خيانة موصوفة – حسبما صرح كثير من النواب والسياسيين والخبراء القانونيين –  ، لأن دراسات الجيش اللبناني  ودراسات الشركة البريطانية المتخصصة بترسيم الحدود البحرية تثبتا ، بما لا يقبل التأويل أو الشك ، أنه هو الخط الذي يجب ألاّ يتراجع  اللبنانيون عنه – لأن للبنان الحق  بحقل ” كاريش” و  بِعِدَّةِ  كليومترات  بَعْدَهُ – …فيجب أن يقاتل لبنانُ  من أجل تثبيت هذا الخطّ , المنطلق من النقطة B1 و ” رأس الناقورة” مستقيماً ، ومنع العدو من الاستثمار شماله …ولكن ماذا نفعل بمستقبل الصهر ومصالحه  وطموحاته؟ وماذا  نستطيع مع من يريد الدفاع عن حليفه  ، حفظاً لوحدة  الصف والمذهب ، الذي يسمّيه اللبنانيون ” ربّ الفساد  ” وحاميه  ؟ وماذا نفعل بمن اختبأ وراء عبارة  ” اتفاق إطار ”   ، وأهمل الإشارة إلى أيّ خطوط  أُخَر ؟ ولا نعلم ما وراء هذا الإطار ، كما لا نعلم /أو نعلم / لماذا اشترت جهاتٌ  معينة الكثير من الأراضي القريبة من مربعات الغاز والبترول البحرية ، وكان الشراء يتم بالإغراء ، أو بالضغط والترهيب ،  إضافةً  إلى الاستيلاء على ” الأراضي المشاع ” والشواطئ  ، وتسجيلها ، لتشكل مناطق استثمار مستقبلية ، في حال تمّ البدء باستخراج الغاز والبترول ….

ولا ينسى اللبنانيون أن مافيات الحكم –  كان رؤساؤها ولا يزالون قادة ميليشيات مسلحة –  قد أسسوا أكثر من اثنتين وخمسين ( 52) شركة ،  تعنى بأمور الغاز والبترول ، بأسماء  أبنائهم  وبناتهم وأصهارهم   وأحفادهم والكنائن ، أو بأسماء  وهميّة وأرقام سرية … ما جعل الشعب اللبناني يطرح سؤالًا  منهجياً عن الفرق بين استيلاء ” إسرائيل” على هذه الثروات وبين استيلاء أمراء الحرب اللبنانيين وقادة الميليشيات  …!

فإذا استولى العدوّ على أرضنا وبحرنا والثروات نقاومه ونقاتله ونجبره على التقهقر …أما إذا استولت مافيات الحكم  وقادة الميليشيات على هذه الثروات  بالاحتيال و ” بالقانون”  والبلطجة …فمن يزيلهم ويزيل سرطانهم الفسادي/ الإفسادي عن كاهل اللبنانيين ، الذين قد يُهجّرون من بلادهم بعد اتهامهم بالعمالة والخيانة  ، واشعال الحروب الطائفية والمذهبية بينهم …وبعد قتل من لا يستوعب الدرس؟

إن تجربة اللبنانيين مع هذه الميليشات منذ عام 1975 ، وسرقة أموالهم ، في أكبر عملية نصب واحتيال  وسطو عرفها التاريخ البشري ، وقتل أبنائهم في حروب طائفية مذهبية ، وتهجير من نجا ، لخيرُ مؤشر  إلى ما ينتظر لبنان واللبنانيين حتى الآن …!

فليبقَ الغاز والبترول  في باطن الأرض ، تحت الماء ،  حتى يستريح لبنان من مافيا الميليشيات  الحاكمة /المتحكمة  ، التي باعت الوطن بأبخس الأثمان  وأتفهها، ودمرت  الشعب والمجتمع و الدولة ، وسرقت الشعب ، وهجَّرته ، وقتلته ، واستعبدت  من بقي منه حيّاً ، وفعلت باللبنانيين أفاعيل لم يستطعها  العدو   ….فالفرق الوحيد بين مافيا الطبقة الحاكمة وبين ” إسرائيل ” أن أعضاء هذه المافيا  يتكلمون ” العربية اللبنانية الفينيقية ”  ، ولنسمه   ” الفَيْنَقَة” أو ” العَرْبَنَة   ”  مقابل ” العَبْرَنَة ” …وفي الحالين ….آه…!

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى