افتتاحية الموقع

دافوس يحاول معالجة الراسمالية والعالم يعاني من عللها!!

غاب عن منتدى دافوس الذي انتهى الأسبوع الماضي الأساس في ما يقوم عليه الاقتصاد من تبادل المنافع وتعظيم الخيرات وتعميم للاكتفاء. وما احتل ساحة المنتدى هذا العام هو ما تعانيه (الليبرالية كعقيدة ونظام) مما يمكن وصفه بـ(الأزمة الدائمة) المهدده للعولمه والهيمنه الرأسمالية على الاقتصاد العالمي. وما سماه رئيس المنتدى بورج بريندي بأنه (الوضع الجيوسياسي والجيواقتصادي الأكثر تعقيدا منذ عقود) هو بالحقيقة الوضع المهدد للنظام الرأسمالي وما أفرزه من العولمة الساعية للهيمنة على العالم عبر السيطرة على الأسواق العالمية. وكان جوهر النقاش في دافوس هذا العام السعي لإنقاذ الرأسمالية ومكملاتها من العولمة كتعبير عن الليبرالية والنيولليبرالية.

‏وجد المنتدون في دافوس أنفسهم أمام (عالم ينهار)  عبر انهيار الرأسمالية، خاصة وأن الكون يعاني من الحرب التي تهدد أوروبا واستقرارها، وتطول الأمن الغذائي العالمي. كما يعاني الكل من ركود كبير نتيجة تضخم غير مسبوق إضافة للكوارث البيئة بسبب المناخ وفوقها الأوبئة. وليس آخرها  كورونا . كل ذلك طبعاً في (عالم متعدد الانقسامات)  و يكاد يكون الصفة الاساسية لـ ( التمزقات المتوالده) في الكيانات الوطنية . تجاه كل ذلك اتجه الباحثون في منتدى دافوس وسماسرة النفوذ السياسي و آباطرة الاقتصاد والمتحكمون في الأسواق إلى البحث عن سبل معالجة الخلل و إصلاح النظام الرأسمالي واستعادت الليبرالية والعولمة . وإيجاد الدواء المناسب لكل ذلك. فهل يمكن أن ينجح الغرب بمداواة رأسماليته المصابة. ونظامها الاقتصادي المهدد بالانهيار بمعزل عن تعافى العالم كله.

‏حتى الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة وحامية النظام الرأسمالي الليبرالي لجأت منذ الأزمة المالية في العام 2008 إلى الحمائية ( المتمثلة بتدخل الحكومة في الاقتصاد) وما زالت تتوسع في اعتماد هذه الحمائية التي تناقض الليبرالية وتقوض عقيدتها ونظامها . فهل يلحق العالم الليبرالي بأمريكا بإعتماد علاجات غير الليبرالية لمداواة الرأسمالية المصابة بالتضخم والمهدده بالركود؟؟ ومع الاعتراف أن الرأسمالية استطاعت كنظام من إصلاح نفسها مراراً و إيجاد وسائل معالجة ما يصيبها تكراراً فإن الواقع الملح على الاقتصاد العالمي يستوجب التفكير بإصلاح النظام الاقتصادي الدولي بما يعود على العالم بالاستقرار بعيداً عن البحث عن السبل تستعيد السيطرة على مقدرات الآخرين و نهبهم. وهذا ما يستدعي البحث عن نظام عالمي اقتصادي يقوم على العدل ويعمل على تحفيز الجميع لإنتاج الخيرات و تعميم المنافع بحيث يكون (نظاماً عالمياً متعدد المصالح ومتكامل المنافع ) معتمداً على المنافسة المبدعة وبعيداً عن التناحر والحروب وشبق السيطرة والهيمنه.

‏الأمر أكبر من دافوس، والمطلوب قادة على مستوى العالم وقضاياه ولا يجوز إغلاق النقاش مع انتهاء منتدى دافوس بل لابد من استمرار التفاعل الفكري السياسي الاقتصادي للوصول إلى حلول لا تعالج الرأسمالية كعقيدة ونظام فقط بل تعالج قضايا الإنسانية في العالم كله وتبحث في سبل توفير الإكتفاء الاقتصادي لكل الشعوب.

إذا كانت الرأسمالية المسيطرة و القوية رغم ما يصيبها من أمراض و علل تواجه حقيقة أوضاعها و تبحث عن علاجات تعيد لها قوتها و فعاليتها فالأحرى بالدول الضعيفة أو الناشئة أن تتحلى بشجاعة مواجهة ضعفها و أمراضها بالبحث عن علاجات مجدية بعيداً عن الإختباء تحت أوهام الإيديولوجيا أو التداوي بحجابات و رقى  الإدعاءات  الإعلامية و هلوساتها.

أخيراً إذا كان الغرب يحاول إستعادة العولمة . فهل نرى العرب يحاولون إستعادة العوربة ( العروبة كنظام مواز و ربما متفاعل مع العولمة ) ؟؟ و هل سيتنبه العرب خاصة الدول القادرة لضرورة إعادة العافية و الفعالية للتفاعل الإقتصادي السياسي العربي لمواكبة ما يحصل في العالم .

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى