نوافذ

عن أبو جيدا “الصيني”

لجين عصام سليمان

اتفق مجموعة من الطلاب السوريين الذين كانوا قد درسوا في “تشونشنيغ” سابقا على تسمية أحد الموظفين بـ  “أبو جيدا”ـ و “أبو جيدا” هو موظف في قسم شؤون الطلاب حيث يتابع ملفاتهم الأكاديمية، جاءت تسميته بهذا الاسم نظرا للهجته الأمنية التي يتعامل بها معنا نحن الطلاب، هذا بالإضافة إلى صوته الأجش ونظرته الاستكشافية التي تشكك في كل ما نقوله، فغالبا ما نشعر أننا في تحقيق أمني عندما نتحاور معه في أمر ما، فإذا ما اضطررنا للغياب عن أحد الاجتماعات العلمية الأكاديمية كان يتصل بنا ويسأل ويستفسر عن سبب الغياب، ويطلب تبرير عدم الحضور.

في محاولة مني لاستشكاف “أبوجيدا” الصيني ومعرفة صفاته ، أحببت أن أناكده إذ كنت ابحث عن أوجه التشابه بينه وبين “أبو جيدا” السوري، ولذلك كنت أتعمّد الكذب، وكان دائما يغفر لي، فأنا غالبا ما اتغيب عن الاجتماعات التي أراها غير مهمة، خاصة عندما يكون لدي اعمالا أخرى أكثر أهمية، وكان إذا ما اتصل بي وسألني عن سبب الغياب أكذب ، ففي المرة الأولى قلت كان لدي محاضرة، وهو يعرف أني لا اقول الحقيقة، ولكنه سامحني ، وفي المرة الثانية كذبت أيضا، ولكن في المرة الثالثة قررت أن أصارح “أبو جيدا” بأن أقول  له أني غير مهتمة بهذا النوع من الاجتماعات وأنه لدي أمورا أكثر إلحاحا، وقد فاجأني بأنه تقبل الأمر وقال لي لا مشكلة إذا كان لديك ما تعملينه، وقد فاجأتني نبرة صوته الأبوية. عندها فهمت أن الصدق طريقة مباشرة لنيل محبة ورضى “أبو جيدا” الصيني إذ يمكن التعامل معه على هذا الأساس.

منذ يومين ترافقنا أنا و “أبوجيدا” لحضور مؤتمر في مدينة أخرى، وبينما كنا على متن  القطار السريع، كنت أعمل على لابتوبي في الوقت الذي كان فيه “ابو جيدا” يقرأ كتابا طيلة الطريق، وهو ما فاجأني، إذ أنّ أبو جيدا الصيني يحب القراءة. تحاورنا كثيراخلال الرحلة ووجدت أنّه يمتلك الكثير من الأفكار البنّاءة والجميلة، مما جعلني أدرك أن “أبو جيدا” بالشخصية الصينية يملك من الرقي ما يكفي لبناء مجتمع متحضّر متسامح، فعندما اقتربت من هذه الشخصية أدركت أن حكم اصدقائي السوريين عليه جاء بناء على خبراتهم السورية، في الوقت الذي يملك فيه “أبو جيدا” الكثير من الخصال الجميلة، والتي نأمل أن نراها يوما في “أبو جيدا” السوري.

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى