نوافذ

فك اشتباك

لم يعد خافيا على كل ذي بصر، و حتى على الأرمد، أو المترمدين، خاطراً أواصطناعاً ، ما يتردد بين الحين والآخر عن العلاقة الشائكة بين الإبداع بتجلياته المتباينة، أدبيا و فكريا وسياسيا واجتماعيا واقتصاديا بل وحتى على الجوانب ذات الصبغة التكنولوجية  والنقد بمذاهبه ومدارسه المختلفة ، ولم تعد الشكاية وقفا على أحد طرفي المعادلة، ولا على المتابعين .

ولعلنا جميعا نتابع ما تحمله صفحات الرأي والفكر  في الصحف السيارة أو الثابتة على السواء، وفيما يحاول كل طرف إلقاء التبعة على الآخر ؛ تبرئة للذات ، وتخلصا من تبعات المسؤولية أمام الآخر ، الذي تحوله بعض الاشتباكات إلى خصم، فيما هو شريك أساس في الأزمة المتداولة على طاولات التشريح الثقافي العام، يقف الجميع مشدوهين ؛حيث تردى الذوق، واستشرت التسطيحات، وتهددت ركائز الهوية الثقافية جراء الرقمنة والطغيان التكنولوجي، ومحاولات أطراف عدة عصرنة الأسواق التي كان لها حضورها القديم، وتأثيرها الحاسم في التفرقة بين غث وثمين، وبين تجريب وتخريب، ويقف المتابعون الآن على أبواب مدائن الحيرة بين القديم والجديد، بين قطيعة مع التراث، كلية أو جزئية ، وبين انفتاح  على الحداثة بكل مراميها ، ويتردد السؤال الحارق عن سر هذا الاشتباك الذي قد  يصل في بعض أحايين اشتجاره إلى  صراع وحروب كلامية ،ومعارك  تصل في بعض  تجلياتها إلى تكفير طرف للأخر ؛ كونه يخرج على مايتصوره  الطرف المكفِّر  من ثبات إبداعي ، وتوثين للفكرة ، وتحنيط للشكل ،  فيما يصف من على الضفة الأخرى مكفريهم بالتخلف والعيش في جلباب الأسلاف دون أن يمنحوا عقولهم فرصة  النقد أو على الأقل التحاور مع ما أنجزه السابقون، ليس باعتباره وحيا منزلا لا ينبغي الخروج عليه، ولكن بوصفه منتوجا إنسانيا لاينبغي أن يتوقف عن التطوير والتحديث ، ولعلنا ونحن تحاول فض هذا الاشتباك بأقل الخسائر ، تناقش أمرين في غاية  الأهمية  بالنسبة لهذا الجدل المتجدد  أولاهما :حول التسييج المعرفي  كإحدى أدوات الحكم النقدي على أية ظاهرة ثقافية ، وثانيتهما:عن تلك الوساطات التي قد تكون شائهة لبعض النقدة بين المبدعين والمتلقين؛ علنا دون أن نحاول اصطناع  حالة توفيقية تلفيقية بينهم ، نصل إلى رؤية  أجلى حيادية ، وبعيدة عن الاعتساف أو الانحياز الشخصي لهذه القضية الحيوية.

ولعل  ذلك الالتباس الرؤيوي لدى كل من المثقف والسياسي  في الوطن العربي ، الذي لايزال خاضعا للمعادلة الغوبلزية الشهيرة  يكون مفتتحنا للدخول إلى جوهر أزمة الحوار بين مفردات الطيف المجتمعي دون خشية المصادرة أو العسف ، ومن ثم نضع أقدامنا غير مرتابين على بساط التحاور المجتمعي والإيمان بحق الاختلاف وحرية التعبير دون أن يعني ذلك انتهاكا لثوابتنا الوطنية وركائز هويتنا التي تتطلب أن يكون الجميع سياجها الحامي من الاستلاب العولمي في صيغته الإمبريالية الجديدة .

*نائب رئيس نقابة اتحاد كتاب مصر

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى