فن و ثقافة

فيلم حرب كرموز : السينما السورية والسينما المصرية

عماد نداف

خاص

يمكن للسينما العربية أحيانا أن تقدم منتجا سينمائيا مميزاً في عرف النقد، أي أنه يحمل في طياته المعنى الذي يتطلبه الفن السينمائي العربي في إنتاجه المتميز، وعلى مدار السنوات الماضية كنا نلاحق أفلام المهرجانات وننسى أن السينما الحقيقية تحتاج إلى صالات وجمهور وشبابيك تذاكر، وقد أغلقت الكثير من دور السينما على ذاكرة هشة لأفلام سخيفة لم تشكل في وجدان رواد الصالات ما ينبغي أن تشكله في عرف الفن ومعناه..

خطرت لي المقارنة، وأنا أنتظر الدعوات العامة لحضور أفلام السينما السورية التي تنتج حديثا، وكثيرا من تلك الدعوات لا تصل إلا إلى جمهور محدد ربما لاعلاقة له بالسينما ، أو ربما له صلة ما بالوسط الإنتاجي.

ومع ذلك كنا نذهب ونلبي الدعوات، أو نتسلل على السمع من دون بطاقات دعوة ، وكانت العروض تسعدنا ، أو على الأقل تجعلنا نحلم بأن السينما يمكن أن تنهض من إغمائها الطويل الذي جعلها بانتظار الموت في غرفة العناية المشددة.

وأنا أتابع السينما المصرية، استوقفني فيلم (حرب كرموز) ، وهو فيلم جماهيري، أنتج وصرفت عليه الملايين لا للرسالة التي يحملها، وقد حملها فعلا، ولكن أيضا من أجل تشغيل التوظيفات المالية في عمل ناجح !

وفيلم (حرب كرموز) يستلهم واقعة من التاريخ الوطني المصري، عندما اعتدى ثلاثة جنود بريطانيين (محتلين) على فتاة مصرية، وقد تدافع ثلاثة مصريين سمعوا استغاثتها، فقتلوا جنديا بريطانيا وهشموا الاثنين الآخرين، وفروا.

هذه الحادثة ممكنة الحدوث في بلدان المستعمرات أو في بلدان يتواجد فيها جنود غرباء، لم القصة تأخذ بعدها الوطني عندما يرفض الجنرال يوسف المصري باعتباره آمرا للشرطة تسليم المصريين إلى الحامية البريطانية، وتبدأ المكاسرة حول تنفيذ القرار الذي أصدره الجنرال الفرنسي، والتي تجر إلى (حرب) ينتصر فيها المصريون لشرفهم ووطنيتهم ويؤكدون أن مصر (الوطن) أكبر من كل الاعتبارات!

ورغم أن الفيلم وطني، ورسالته ومعناه ضمن هذا الإطار إلا أن صناعه حملوه بعدا جماهيرا من خلال تسخير فنون صناعة السينما وكتابة السيناريو لينال إعجاب الجمهور، وقد بلغت التكاليف التي تمكنت من تقديم هذا المنجز السينمائي للناس ، كما يقول منتجه محمد السبكي فوق الـ50 مليون جنيه (نحو ثلاثة ملايين دولار في ذلك الوقت) ، أي أنه مغامرة فعلية بلغة الإنتاج.

لكن هل خسر المنتج ؟!

على العكس تماما ، فقد بلغت إيرادات الفيلم أكثر من 57 مليون جنيه مصري، وأدى فيه أبطاله أدوارا لاتنسى : أمير كرارة بدور الجنرال يوسف المصري، روجينا بدور نوال، محمود حميدة في دور عزت الوحش، مصطفى خاطر في دور عصفورة، إسلام جمال في دور علي، غادة عبد الرازق بدور زوبة، بيومي فؤاد بدور رياض الشندويلي، فؤاد شرف الدين بدور الجنرال آدامز، و وسكوت آدكنز بدور المجنون.

وكما صرح المخرج بيتر ميمي تفوقت إيرادات فيلمه «حرب كرموز» على إيرادات فيلم «الخلية» لأحمد عز، وفيلم «هروب اضطراري» لأحمد السقا، ليكون بذلك الأعلى تحقيقا للإيرادات في تاريخ السينما المصرية.

لكن الحقيقة الأهم في تاريخ السينما المصرية هي المعنى الذي اشتغل عليه الفيلم من حيث بعده الوطني والدفاع عن كرامة مصر وتكاتف المصريين من أجل هذا الهدف.

أين الإنتاج السوري من هذه الخطوة، ومن يتجرأ من المنتجين السوريين على تقديم هذا النوع من الانتاج القادر على تحقيق مجموعة أهداف دفعة واحدة؟!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى