بين قوسين

في دوامة التغيير …

في دوامة التغيير …بداية كنا نعيش في بقعة صغيرة من الارض بين مجموعة محدودة من الناس .. تحت سقف واحد من القوانين والنظم التي تنظم حياتنا .. نتعلم منهاجا مدرسيا موحدا .. لغة مشتركة .. عادات وتقاليد متشابهة .. تاريخ واحد .. نمشي في الطرقات والأزقة نفسها .. نرتاد الاماكن والمطاعم والاسواق نفسها .. نرتدي الازياء المناسبة لمنطقتنا وثقافتنا، ونتكلم الاحاديث نفسها .. ونعيش الهموم والمشاكل نفسها. كل شيء كان متشابها ومتآلفا الى حد ما .. وروتين الحياة يسير على خطى واحدة .. ونظام واحد .. عالم متشابه.. منضبطون على ايقاع الحياة الواحد .. كان الصواب واضحا والخطأ متوافق عليه الى حد ما ..

نعيش في حالة استقرار وسلام اجتماعي الى حد ما ضمن مجتمع محدد ومحدود ..

بعثرتنا الحرب ونشرتنا في اصقاع الارض ..

التقينا بأناس مختلفين .. وبأفكار جديدة .. وعادات غريبة .. صدمنا الاختلاف .. واذهلنا التغيير ..

البعض تأقلم وتقبل بصعوبة .. والبعض لم يستطع ..لم يحتمل كل هذا الاختلاف وكل هذا التغيير .. ضاع في فوضى الاختلاف والتغيير..

فترك حياته السابقة .. ترك عائلته وشريكه وبدأ حياة جديدة .. بطريقة البلد الجديد .. حياة مختلفة كليا عما كان يعيش  ..

كسر العادات والتقاليد .. حطم الروتين وانطلق من جديد ..

تغيير الحياة والمكان والثقافات التي أجُبر عليها الكثير في العالم بسبب الحروب والنزوح والخوف والعنف الذي تعرض له .. اجبره على التأقلم بطرق مختلفة ومتفاوتة ..

فالبعض تقوقع على نفسه وانعزل في حالات اكئباب وقلق .. واخرون انفتحوا على المجتمعات الجديدة بطريقة التحرر من كل عوالق المجتمع القديم وحتى من الاسرة والعائلة والاولاد .. وبدأوا حياتهم من الصفر ..

والبعض عانى الكثير ليحافظ على تماسك حياته واسرته في ظل التحديات الكبيرة للتغيير الذي يواجهه في مجتمعه الجديد .. مع اختلاف العقليات والعادات والتقاليد ..

حتى الحرب .. فرضت على الناس الذين ما زالو يرزحون تحت رحمتها تغييراً كبيراً في نمط الحياة والتفكير .. فأصبح الضغط كبيراً .. والهروب من الواقع وضغوطات الحياة يتراوح بين الانفلات الاخلاقي بكل المعايير .. الى التشدد الكبير  ..

وتغيرت عادات وافكار وثوابت .. واصبح الناس أكثر ميلاً الى الاكتئاب والسوداوية واللامبالاة …

فالحرب تركت آثارها على الجميع من بقي ومن غادر ..

لتختلط العادات والتقاليد .. وتتحرر حالات نفسية غريبة .. ويبدأ عصر جديد من المفاهيم ..و ليصبح المرفوض مقبولاً والحرام مبرراً ..والحرية انفلات .. والدين حالة قابلة للنقاش ..

عصر التغيير الكبير . ..

يخلق معه ٣ حالات : متقوقع .. متحرر .. متأقلم ..!!

هذا ما انتجته الحرب .. والنزوح واللجوء والهجرة

ما انتجته التكنولوجيا والكورونا والعولمة ..

فنحن اليوم اقرب ما نكون على مشارف عهد جديد من القيم والثوابت والدساتير الاخلاقية والقانونية..

تطحننا ونعاركها …. ثورة في علم النفس

فعلى ماذا ستستقر .. وماذا سينتج عنها ؟؟؟

هنا هو السؤال الأهم .. والمصير ..

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى