شرفات

قمة عربية من أجل تأمين (طنابر) !

عماد نداف

خاص : لا أحد يصدق أبداً ما نشاهده في الصور التي تأتـينا من غزة، والغريب أنها تأتينا على مدار الساعة، في كل لحظة، على الهواء مباشرة كما يقولون في الإعلام ، أي أن الصور تجعلنا في قلب غزة من دون أن تصيبنا شظايا الحرب أو تدمر البيوت فوق رؤوسنا، أو نعرى من ملابسنا أمام جنود الاحتلال ..

ومن يتابع الإعلام المرئي منذ بدء الحرب على غزة منذ السابع من تشرين الأول يشعر أن الصورة خيالية أحيانا، وسوريالية أحيانا أخرى، وواقعية في حقيقتها ، وأن على الجميع التدقيق في المعنى !

كل ما نشاهده ، كنا تعرفنا عليه في الحروب السابقة على غزة وعلى لبنان، والمجازر لاتُعد ولاتحصى، إلا أنها في غزة متتالية كثيفة لا ترحم أبداً، ورغم كل تظاهرات العالم المنددة بإسرائيل لم تعرب أميركا عن (قلقها) حول مصير الفلسطينيين، فالقلق الأمريكي الآن محصور بمصير الأسرى الإسرائيليين ، حتى لو قتل شعب فلسطين بكامله بهذه الطريقة.

وإذا كانت القصة قديمة ومعتادة وعادية بالنسبة للنظام العربي الرسمي، فكان عليهم على الأقل، أن يبادروا مسبقاً إلى تقديم أدوات لرفع الأنقاض، وسيروم للجرحى، وشاش للف الرؤوس المصابة، ومعقمات لجروح الأطفال، وأكفان للقتلى، وأدوات بسيطة للإنقاذ..

وهذا أضعف الإيمان ، ويمكن أن يقدم لأي فئة بشرية في العالم تعاني من الكوارث، وإلا كيف يمكن لمخزون عادي من هذه الاحتياجات أن يقوم بالمهمة تحت زخم قنابل زنتها 2000 رطل، وغارات جوية بلغت الآلاف .

أكثر الصور فداحة هي نقل الشهداء والجرحى على (الطنابر)، لأن الدمار هشم كل شيء حضاري في غزة إلى الدرجة التي تحولت فيها الأصابع والأظافر إلى أدوات لرفع أطنان الأنقاض عن الأطفال والضحايا .

أعتقد أن من الضروري أن يعرف العرب جميعا أنهم مستهدفون ، وهذا لايحتاج إلى إثبات، فالعراق شاهد، وسورية ، وليبيا ، واليمن، إضافة إلى فلسطين، وكلنا يتذكر ماذا فعلت أمريكا في مدينة الرقة السورية، بحجة داعش، علما أنها هي التي أسستها باعتراف هيلاري كلينتون نفسها، وفي الرقة يوجد تحت الأنقاض اليوم آلاف الجثث، وكذلك يعاني شعب العراق من سرطان اليورانيوم المنضب الأمريكي بعد حرب أمريكا المدمرة على شعبه، ولاينسى العالم مجازر كفر قاسم وبحر البقر وقانا وصبرا وشاتيلا وغيرها..

الفكرة جاءتني هذا الصباح، فإذا كانت المدن العربية مهددة على هذا النحو، فلماذا لانفكر بالزمن القادم من الخراب، وبالطبع هذا الزمن لن يستثني أحدا إذا تركنا غزة وحيدة ولم نقدم للعالم إرادة عربية ترفض هذا الذي يحصل، وتكسر الحصار الإنساني على غزة .

لماذا لانفكر بالمدن العربية التي سيأتي دورها عاجلا أم آجلا، ، لذلك لدي اقتراح أقدمه للقمة العربية ، وهو ضرورة تأمين (طنابر) كافية في كل مدينة ، تكون جاهزة عند الحاجة لنقل أجسادنا من تحت الأنقاض إلى المستشفيات، ومن المستشفيات إلى المقابر، ولماذا لانخزن وسائل إنقاذ نضعها في بيوتنا (كريكات، ومعاول، ومهدات، ومصابيح إضاءة، لنخرج الأطفال من تحت الركام)..

ألم تلاحظوا أن غزة الجريحة ، لم تعد قادرة على تأمين الأكفان لشهدائها، بالله عليكم، أليس من الضروري، مطالبة مجلس الأمن بالسماح لطنابر عربية محملة بالأكفان بدخول غزة، وإذا كان ذلك صعبا ، لماذا نتردد في إنشاء أساطيل من الطنابير نوزعها على الناس لأن السيدة أمريكا والسادة في أوروبا سيبخلون علينا عندما يجدُّ الجد أن ندخل سيارات إسعاف وأدوية إلى المدن العربية التي تنتظر مصير غزة .

إن انقاذ غزة اليوم هو إنقاذ لكل المدن العربية التي تريد أن تقول للذل والعدوان والاغتصاب : لا !

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى