كورونا و شرعية الدولة الوطنية

 

أجتاح فبروس كورونا العالم مهدداً حياة الملايين وقاتلاً الألأف و حابساً الملايين في الحجر المنزلي، مانعاً التجول في عواصم ومدن النشاط والفعالية. إنها حرب حقيقية، سواء أطلقتها الطبيعة بطفرة خبيثة في الفيروس، أم أطلقتها دول و مخابرات أكثر خبثاً ..

الحروب الكبيرة والأزمات الخطيرة، كورونا واحدة منها، تدفع المجتمعات للبحث عن النظام، أو الإطار الذي يحميها بمواجهة هذه الحروب والأزمات. وهذا ما جعل أي حرب كبرى أو أزمة خطيرة مولدة لنظام عالمي جديد، مبني على أنظمة الدول، في إطار لتنظيم يضبط حركة وعلاقات الدول والأفراد، والجماعات…

في مواجهةحرب كورونا العالمية، و بالتصدي لخطر أزمة الفيروس القاتل، برزت ( الدولة الوطنية) القادرة على ( إدارة التنظيم الإجتماعي، و تنسيقه صيغة تتصدى لخطر الفيروس بالتوازي مع توفير مستلزمات الأمن، والإستقرار وأوليات العيش من مواد غذائية، وخدمات، مع إعطاء توفير المعالجة اللأزمة والأدوية الضرورية للمصابين…)، وبناء على هذه الطبيعة الفعالة برزت الدولة الوطنية ، النظام الشرعي الملائم و القادر على حماية الشعب وتحصين الأرض وإبقاء المؤسسات فاعلة في خدمة الناس… كورونا أعاد الإعتبار إلى النظام الطبيعي، وأبرز الشرعية للدولة الوطنية التي تحفظ حدودها وتدافع عن صحة مواطنيها، كجزء من الدفاع عن سيادته، وتأكدت شرعية هذه الدولة بانخراط شعبها في تنفيذ خططها و تعليماتها بشكل طوعي وبقناعة ورضا…

بعد دعوات العولمة للتهوين من أهمية وضرورة الحدود، تعيد كورونا الأهمية والضرورة لهذه الحدود، كجزء من الدفاع عن الشعب و صحت، ضمن دولته الحامية والراعية، وبعد أن درجت موضة منظمات المجتمع المدني ، كبديل عن الدولة، أعاد الوباء المجتمع المدني إلى أصله كجزء من الفعالية الشعبية ضمن التنظيم العام الذي هو الدولة… وهذه أمثلة عن المدى الذي فعلت فيه كورونا بحيث أعادت الدولة الوطنية، كإطار جامع شامل لكل الفعاليات الوطنية و حامية لها لتشكل لبنة أساسية فاعلة في النظام العالمي…

إن أزمة كورونا أو حرب كورونا، أكدت و رسخت شرعية الدولة الوطنية ضمن حدودها وبسيادتها على أرضها وشعبها و مؤسساتها، و بوحدة شعبها حول فكرتها الجامعة. كل ذلك يجعلها القادرة على مواجهة مخاطر الحرب أو الوباء ، أو الإرهاب. وكان للسوريين منذ بداية التاريخ, السبق بتمسكهم بدولتهم الوطنية العادلة والقادرة والجامعة، كما كان للسوريين منذ الأزل توقهم الدائم لجعل دولتهم الوطنية قادرة وعادلة وحامية وجامعة ودائمة الإرتقاء في المشاركة السياسية وفي الإبداع الحضاري. وشكل كل ذلك للسوريين القوة المستدامة في مواجهة كل ما يتهددهم. و بقي السوريون أقدم حضارة وأعرق وطن، وأكثر شعب تمسكاً بعدالة وقوة وإرتقاء دولتهم. وأستمروا منذ الأزل فاعلين وبناة للحضارة الإنسانية. فهل مازلنا سوريين بحق؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى