تحليلات سياسيةسلايد

لماذا لا تُقاطع السّلطة الفِلسطينيّة ورئيسها جو بايدن وترفض استِقباله؟

نستغرب هذا التّرحيب من قِبَل السّلطة الفِلسطينيّة ورئيسها محمود عبّاس بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للأراضي المحتلة والاستِعداد لفرش السجّاد الأحمر له في مقرّ المُقاطعة، احتِفالًا بمقدمه، ولقاء “المُجاملة” الذي سيتم على هامِش زيارته للقدس المُحتلّة وعلى استحياءٍ للقِيادة الفِلسطينيّة لالتقاط الصّور لا أكثر ولا أقل.

الرئيس بايدن لا يقوم بهذه الزّيارة من أجل القضيّة الفِلسطينيّة، أو حتى إحياء عمليّة السّلام التي شبعت موتًا، بل وتعفّنت، وإنّما من أجل الأمن القومي الإسرائيلي وتعزيزه، وتشكيل حِلف “ناتو عربي سنّي” بزعامة دولة الاحتِلال الإسرائيلي، وبهدف شنّ حربٍ ضدّ إيران، ومُمارسة ضُغوط على الدّول الخليجيّة لزيادة الإنتاج النّفطي لتخفيض الأسعار لإنقاذ الاقتصاديين الأمريكي والأوروبي وفكّ الارتِباط باتّفاق “أوبك بلس” مع روسيا.

إدارة بايدن لم تفتح القنصليّة الأمريكيّة في القدس المُحتلّة كما وعدت، ولم تُلْغِ أيّ من القرارات التي اتّخذتها إدارة الرئيس ترامب الجمهوريّة بما في ذلك نقل السّفارة الأمريكيّة إلى القدس المُحتلّة، والاعتِراف بها عاصمة “مُوحَّدة” لدولة الاحتِلال، وضمّ هضبة الجُولان السوريّة، والأهم من كُل ذلك أن منظّمة التحرير الفِلسطينيّة التي تنازلت عن 80 بالمِئة من الأراضي الفِلسطينيّة التاريخيّة بمُقتضى اتّفاقات أوسلو التي جرى توقيعها في البيت الأبيض، هذه المُنظّمة وقِيادتها ما زالت مُدرَجةً رسميًّا على قائمة الإرهاب الأمريكيّة.

اليوم اغتالت القوّات الإسرائيليّة ثلاثة شبّان فِلسطينيين عُزّل، وبدَمٍ بارد، وأصابت ثمانية آخرين في غارةٍ شنّتها على مخيّم جنين، فهل أدانت الإدارة الأمريكيّة الديمقراطيّة هذا العُدوان الوحشي السّافر؟ وهل اتّخذت موقفًا قويًّا ضدّ حُكومة نفتالي بينيت لاغتيالها الصحافيّة الفِلسطينيّة الأمريكيّة شيرين أبو عاقلة في وضَح النّهار، وبعد ذلك اعتداء جُنودها على جنازتها دُونَ احترامٍ لحُرمة الموت لصحافيّة كانت تُمارس مهنتها في نقل الحقيقة صوتًا وصُورةً وفق أعلى القيم المهنيّة الموضوعيّة؟

بايدن يحمل للإسرائيليين صفقات أسلحة مُتطوّرة، ومشاريع تطبيع مع دول عربيّة، وتعهّدات بمنع إيران من امتلاك أسلحة نوويّة، وربّما خطط حرب لتدمير البرامج النوويّة الإيرانيّة، فماذا يحمل للفِلسطينيين، ورئيسهم الذي سيلقاه في رام الله، ويستخدم هذا اللّقاء كورقة توت لتغطية عوراته، وأبرزها الانحِياز لهذا النظام العُنصري القاتل.

كُنّا نتمنّى أن تقول السّلطة لبايدن إنّك ضيف، أو زائر، غير مُرَحَّبٍ بك، ولا يُشرّفنا استقبالك، لكنّنا نعلم جيّدًا أن تمنّياتنا هذه لا مكان لها في قاموس هذه السّلطة وقِيادتها في ظِل حالة الفرح، ومهرجانات الاستِقبال التي تعد له فور وصوله إلى أرض المُقاطعة في رام الله.

بايدن رئيس الدّولة العُظمى التي دمّرت العِراق وسورية وليبيا، وتقف خلف كُل العُدوانات الإسرائيليّة على الأمّة العربيّة، لن يكون هُناك أيّ ترحيب به من قِبَل جميع الفِلسطينيين، لأنّ أياديه مُلَطَّخَةٌ بالدّماء، ويقف في خندق الظّلم والاحتِلال والعُنصريّة، وقرار السّلطة ورئيسها باستقباله لا يُمثّل شعبنا الفِلسطيني ويُشَكِّل إهانةً له وكُل شُهدائه وأسراه.

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى