كتب

محمد زاهر يطلب من قرائه ‘اسمحوا لي بالتلصص’

محمد زاهر يطلب من قرائه ‘اسمحوا لي بالتلصص’…الكاتب المصري يثير في كتابه الجديد نهم القارئ للنبش في النصوص ليستخرج عبر تلصصه معاني جديدة ينسجها مع نصوص أخرى من ثقافات وأزمنة مختلفة.

عشر مفردات وعدد لا نهائي من الأسئلة يطرحها الكاتب المصري محمد زاهر في كتابه “اسمحوا لي بالتلصص” الذي يقدم رؤية خاصة ومتفردة للأدب والتاريخ يسميها المؤلف التلصص.

يقول المؤلف محمد زاهر في المقدمة “في هذا الكتاب تلصصت على عشر مفردات، التلصص، الانتظار، الذاكرة، الثوب، الانتقام، الخريطة، اللعب، الطيران، البطء، والنوم. وبرغم عشقي للتلصص لم أسع إلى أن أحيط بالمفهوم من أبعاده كافة، فلكل منا تلصصه وإنما اقتربت من معانيه كما أفهمها ومارستها في القراءة الأولى”.

ويعد الكتاب الصادر عن دار صفصافة للنشر في 315 صفحة عملا ذاتيا من بؤرة العين التي يقول المؤلف إنها، في التلصص، “تشم وتسمع وتلمس وتسع كل الحواس”.

المؤلف محمد زاهر – فلسفته في التلصص

وفي القراءة الأولى أو الفصل الأول، يقدم فلسفته في التلصص فيقول “كل تلصص هو نظرة مختلسة إلى الذات قبل الآخر والعالم، وكل تلصص ينحو إلى الداخل لا إلى الخارج كما يبدو للوهلة الأولى. كل تلصص رغبة صامتة في التفاعل مع البشر يعجز عن تحقيقها بطل متوحد لا يستطيع التعامل بأريحية مع المحيطين به”.

وبدءا محمد زاهر  بالمقدمة، يطرح المؤلف أسئلته قائلا “هل يسعى المتلصص عن عمد وراء هتك كل مستور ومخبوء؟ هل يقتصر التلصص على الأماكن المغلقة أم يمكننا أن نتلصص في الشارع والزحام؟”، وهكذا يسترسل في وابل من الأسئلة يترك القارئ ليفكر فيها.

الفرق بين التلصص والمحدق

ويفرق في المقدمة أيضا بين التلصص والمحدق فيقول “التحديق فعل جارح، فالعين هنا لا تتسلل، بل تقتحم… وذلك بخلاف المتلصص حيث النظرة المنزوية والمخطط لها والتي يحاول صاحبها حجبها وإحاطتها بالكتمان شغوفا بأسرار يكتشفها على مهل وتؤدة. المتلصص متوحد، أما المحدق فشخص اجتماعي جريء”.

ويصف التلصص بأنه اللا اكتمال وليس حالة إبداعية فقط. لكنه تطلع في الكون بأكمله وهو فعل طفولي. وصفات أخرى كثيرة يلحقها الكاتب بالمتلصص المتوحد.

ويقول إن كل روائي “هو متلصص كبير. والتلصص في مداره الأوسع أداة الأديب التي يستبطن من خلالها أحوال البشر والأمكنة من حوله”. ويطرح سؤالا ماذا لو تلصصنا على الأدب؟ وهو ما يفعله في جانب كبير من كتابه.

وفي المفردات التسع، بخلاف فلسفته عن التلصص، يطرح علينا مفرداته التي اختارها محورا لتلصصه ويتناولها بالقراءة من خلال تعريفه للتلصص. وينتقل الكاتب بالفكرة، ومعه القارئ، في نصوص مختلفة من الأدب والتاريخ إلى النصوص المقدسة، ومن الكلاسيكيات القديمة إلى نصوص معاصرة، عبر عدسة واسعة وشهية نهمة لقارئ استثنائي يعيد قراءة النصوص من خلال تصور ينبش في النصوص ليستخرج، عبر تلصصه، معاني جديدة ينسجها مع نصوص أخرى من ثقافات وأزمنة مختلفة.

فصل مفردة “اللعب… الحياة في قبضة الدمى”

ولنأخذ مثال فصل مفردة “اللعب… الحياة في قبضة الدمى” الذي يستهله بالآية القرآنية “وما الحياة الدنيا إلا لهو ولعب”. وبعد سطور قليلة، يؤرقنا الكاتب بوابل من الأسئلة: “هل يمكن المماهاة بين الحياة واللعبة؟”، ويسترسل في طرح الأسئلة على مساحة تزيد على نصف صفحة. وهنا أيضا ترشده الأسئلة في القراءة التي يقدمها للقارئ في السطور التالية.

ومثل باقي الفصول، يقدم لنا في هذا الفصل نصا أدبيا وهو قصة “مغامرات بنوكيو” لكارلو كولودي، ثم قصص الإخوان غريم. ويطرح أسئلته حول معاني الكتب التي يقدمها لنا في تصوره عن التلصص على الحياة والأدب.

ولا يلبث بعد ذلك أن يحيلنا إلى كتاب جوناثان جوتشل “الحيوان الحكاء”، ثم كتاب أحمد تيمور باشا “لعب العرب” وكتاب ألبرتو مانجويل “شخصيات مذهلة من عالم الأدب”، بل ينقلنا إلى مسلسل “لوسيفر” على شبكة نتفليكس، وقصة “الشهيد” لتوفيق الحكيم.

ويمضي الكاتب متلصصا على مفرداته الخاصة ويتعقبها ويتجول باحثا عنها في صفحات الأدب والدراما والتاريخ والعلوم الاجتماعية وعلوم الطبيعة وواقع الحياة المعاصرة.

وتذكرنا الأسئلة التي يطاردنا بها المؤلف دون إجابة غالبا بمقولة الشاعر السوري أدونيس “لماذا لا تتوقف الأسئلة عن التهام رأسي؟”.

كما ويطرح الكاتب أسئلة لا ليجيب عنها بل لحمل القارئ في رحلة شيقة. وفي أحيان كثيرة يعذبنا بما اكتشفه من مرارات التاريخ وعذابات الفرد المتوحد لكن تظل رحلة المشقة ممتعة أيضا.

ويعد كل فصل في الكتاب بطرافة الرؤية التي تبقي القارئ في تشوق. خاصة إذا كان ممن قرأوا النصوص التي يتلصص عليها الكاتب. فكل نص يتناوله الكاتب بالتلصص. يجعل القارئ متوفزا ليعرف، كيف سيستخرج الكاتب، بتلصصه، هذه المفردة من النصوص التي يتناولها بالنقد وإعادة القراءة.

والكتاب هو العمل الثاني للمؤلف الذي تخرج في كلية الإعلام بجامعة القاهرة. ويرأس حاليا القسم الثقافي في جريدة الخليج الإماراتية. بعد كتاب “أزمة الوعي العربي بين الحملة الفرنسية والحملة الأميركية” عام 2004.

ميدل إيست أونلاين

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى