أنسام صيفية

من أنا ؟! ( 2 )

من أنا ؟! ( 2 ) دخلت إذن قبل طلابي إلى الصف البكالوريا فكتبت على اللوح الأسود القصيدة المطلوبة ثم جلست و إنتظرت دخولهم و قلت لهم بعد أن إستقروا على مقاعدهم و أنا أتجول بينهم:  

– ليبسط كل منكم ورقة خالية أو دفترا خاصا خاليا ..و صرت أتجول بينهم ثم طلبت من أحدهم أن يقرأ القصيدة ..هكذا بدأ الدرس .. بمناقشة معاني القصيدة بيتا بيتا ..من خلال الشروح التي كان الطلاب واحدا إثر الأخر و أنا أتعمد مشاركة الجميع في نشاطنا بطريقة الحوار ..أسأل مثلا عن إعراب بعض الكلمات و أسجل الإجابات الصحيحة على اللوح و ما كدنا ننتهي من شرح الأفكار من خلال الحوار و المناقشة السريعة ثم من توضيح طبيعة النص الأساسية الإجتماعية كانت أو قومية أو فكرية أو عاطفية عن طريق الحوار السريع دائما و النقاش الشامل جميع الطلاب و أنا أقود النقاش و أسجل بسرعة خلاصة عما دار من أفكار رئيسية على اللوح .. و هكذا صار الجميع يشاركون بحماسة في توضيح المعاني أو إعراب بعض الكلمات و إلى أية درجة ينتمي النص لنوع معين أو لأكثر من نوع واحد و لماذا ؟

صار الدرس كله نوعا من الحوارات السريعة و المتقنة بين المدرس و طلابه و حين إنتهينا من نقاشنا وهم يسجلون الملاحظات السريعة المختصرة التي كنت أسجلها على اللوح و أطلب نقلها على دفاترهم .

و عندما قرع الجرس الذي يعلن عن نهاية الوقت طلبت من الطلاب جميعا أن يسجلوا المعاني بأسلوب اوضح كما يسجلون قيمة هذه الأفكار المطروحة حسب الموضوع العام الأساسي للنص.

ووعدت من يسجل الدرس بشكل أفضل بجائزة أهديها إلى الطالب و هي كتاب جيد للمطالعة المفيدة حول طبيعة الدراسة الأدبية .

شعرت بعد متابعة هذا الشكل من أسلوب الدرس المؤلف من نقاش مشترك بين المدرس و طلابه، شعرت أن الطلاب باتوا يحبون الحصة الدراسية للأدب العربي و فنونه  و تأكدت من ذلك حين وجدت أن عدد طلاب الصف قد إزداد بسبب حضور ضيوف من الطلبة في الفروع الأخرى و خاصة بعد أن عرفت أن عددا جيدا من طلابي قد نال علامات عالية في إمتحان البكالوريا لمادة اللغة العربية و آدابها .. بل لقد صار بعضهم من المثقفين المعروفين في البلد حتى و لو كان إختصاصه في الطب أو الهندسة و غيرها من العلوم ..

لم تعد أساليب التعليم عبارة عن محاضرة يلقبها المدرس على الطلاب دون أن يشاركوا إطلاقا في صناعة الدرس التعليمي كحوار بين المعلم و الطلاب لا كمحاضرة يمليها عليهم المدرس من دون أن يشارك الطلبة إطلاقا في صنع ساعة دراسية ناجحة فعلا في خلق أجيال من المثقفين النابهين في أمور الحياة العامة و ليس في مادة محددة فقط .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى