مكاشفات

هل تصحّ نبوءات طلال أبو غزالة؟!

د. محمد الحوراني

على الرغم من اشتغالاته الماليّة والإداريّة واهتمامه العالي بالملكيّات الفكريّة وتطويرها والارتقاء بها عربيّاً وعالميّاً، فإنّ الاقتصاديّ ورجل المال والأعمال الفلسطينيّ الأردنيّ، طلال أبو غزالة، عُرف أيضاً بنظريّاته وتوقّعاته السياسيّة التي كانت صادمة في بعض الأحيان، رغم ما ثبت من صوابيّتها كما أكّدته الأحداث ومجريات الأمور لاحقًا.

وإذا كان الحرص الكبير على تغيير وإعادة هيكلة كثير من المؤسّسات والمنظّمات العربيّة والدوليّة، وعلى رأسها “الأمم المتّحدة”، هو الشغل الشاغل لأبي غزالة في الفترة الماضية والراهنة، فإن له أسبابه المنطقيّة والموضوعيّة في ذلك. فهذه المؤسّسات ومنها الأمم المتّحدة أصبحت عبئاً على العالم بعد أن سمّمت الخلافات جسدها المريض، وغدت مفتقرةً إلى أدنى درجات الانسجام في أدائها.

وبالتالي فإنّ إسعاد الأجيال المقبلة وإنقاذها من ويلات الحروب، يتطلّب عملاً سريعاً وسعياً حثيثاً للنهوض بهذه المنظّمات وتطويرها أو حتّى التخلص منها. كما يتطلّب التفكير بمؤسّسات دوليّة جديدة تسعى لتحقيق العدالة العالمية عبر السلام، وليس عبر إذكاء الحروب والصراعات بين الشعوب والأمم والمكوّنات المختلفة.

فتحقيق العدالة هو الأساس الذي ينبغي الاشتغال عليه للوصول إلى السلام الحقيقيّ. سلامٌ لا يتحقّق بالقوة، ولا يكون مجرّد شعارٍ أو تسوية شكليّة، وإنّما يكون مشروعاً يقوم على أسس إنسانيّة وعقلانيّة هدفها تحقيق العدالة الإنسانيّة والسلام العالميّ.

ولكنّ هذا العمل لا يتحقّق إلا بالقوّة، لكن القوّة المقصودة ليست القوّة العسكريّة بثقلها وعبئها وظلمها للبشريّة، بل قوة الاقتصاد والعلم والمعرفة. هذه القوة بما تحمله من عمقٍ ووجعٍ ومعاناة مستمدّة من واقعنا العربيّ والعالميّ، كانت حاضرةً بقوّةٍ في المحاضرة التي ألقاها الدكتور طلال أبو غزالة في منتدى الفكر العربيّ في عمّان، والتي تميّزت بنقاشٍ رفيع المستوى، وأدارها الأمين العام للمنتدى الدكتور الصادق الفقيه، بعقليّة الحريص على البناء وتعزيز العمل الجماعيّ، من خلال كشف عيوب المؤسّسات والسياسات التي تنظّم عملها.

وإذا كان أبو غزالة قد توقّع سابقاً اندلاع حربٍ عالميّةٍ ثالثة، بغير الصورة التقليديّة التي شهدها العالم في الحربين العالميّتين الأولى والثانية، فإنّه يرى في الحرب الأوكرانيّة نموذجاً حيّاً يؤكّد صحّة توقّعاته. وهو يعتقد أنّ هذه الحرب ستنتهي عام 2027، بعد أن تقوم الصين بضم تايوان إليها، مما سيؤدي إلى انقسام العالم إلى محورين لا ثالث لهما: محور تقوده الصين، وآخر تقوده الولايات المتحدة الأمريكيّة.

ويرى أنّ نجاح الصين في ضمّ تايوان سيكون انتصاراً حقيقيّاً لمحورها، لأنّ النصر يتمثّل في تحقيق الهدف وليس فقط في الغلبة العسكرية. تمامًا كما يرى في صمود غزة انتصارًا رغم كل الخسائر، فالصمود في وجه القهر، هو أحد أبهى وجوه الانتصار.

إنّ ما طرحه أبو غزالة من أفكار يستحقّ التوقّف عنده مطولاً، خاص أنّها تأتي مخالفةً للمألوف وصادمة لكثير من القناعات السائدة. وهو إذ يطرحها فإنّه ينطلق من قناعةٍ راسخة بأنّ “الشيء الثابت الوحيد في الحياة هو التغيير”، وبأن “التفاؤل يعلي الفكرة على القوة”.

وبالتالي فإنّ الإرادة الصادقة، والتصميم المَبنيّ على العلم والمعرفة والحكمة، هي الطريق إلى التغيير الفعليّ، بعيداً عن الاستكانة والعجز اللذين يعيقان المسيرة النهضويّة والحضاريّة للمجتمعات.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى