سلايدمشاهير

فادي إبراهيم أحد أبرز نجوم الدراما اللبنانية… موعد أخير في رمضان

زكية الديراني

  انسحب الممثل فادي إبراهيم  الذي برزت نجوميته في التسعينيات مع النهضة الدرامية الجديدة التي شهدها تلفزيون لبنان. حتى اللحظة الأخيرة على سرير المرض، ظلّ «دون جوان الشاشة الفضية»، محتفظاً بابتسامته، حالماً بالعودة إلى الساحة التي كانت الأحبّ إلى قلبه. سيرته سيرة ممثل عصامي، لم يدخل معهداً ولا جامعةً، ولكنّه كان نجماً بالفطرة.

في تسعينيات القرن الماضي حين كان لبنان ينفض عنه غبار الدمار ومآسي الحرب الأهلية، شهدت الساحة ولادة نجم محبوب هو فادي إبراهيم (1956 ـــــ 2024) الذي ارتبط وجهه بتلك المرحلة التي كانت حبلى بأحلام إعادة الإعمار ومرحلة الازدهار واستعادة البلد موقعه الذي احتلّه في يوم من الأيّام. تمتّع الممثل الراحل الذي كان يُطلق عليه لقب «دون جوان الشاشة الفضية»، بكاريزما عالية تذكّر بنجومية كبار الفنانين المخضرمين على رأسهم عبد المجيد مجذوب. يومها، كانت البلاد تلتقط أنفاسها بعد حرب دموية، فأطلّ إبراهيم على شاشة «تلفزيون لبنان» ليفتح وزملاؤه في التمثيل والكتابة ومجمل الصناعة صفحةً جديدة في كتاب الدراما التلفزيونية.

هكذا، لعب إبراهيم دوراً في تغيير بوصلة الدراما المحلية بعد الحرب، مسخّراً حضوره لتقدّمها وانتشالها من بين الأنقاض. قبل أن يطرق باب التمثيل، كان شاباً عصامياً، عمل في عدد من المجالات. برع في عمله كخبير مكياج فنيّ، ولاحقاً قدّم تجربة متواضعة في الإخراج، وعمل في الدوبلاج في «تلفزيون لبنان» وأيضاً كمضيف طيران. لكنّ «أبو عمر» كما يلقّب، تبع هواه في التمثيل، فأحبّه حتى الرمق الأخير.

محطات عدة مرّت بها نجومية فادي إبراهيم الذي هزمه المرض أمس بعد معاناة في المستشفى استمرّت أشهراً. بدأت حكايته مع الكاميرا في ثمانينيات القرن الماضي، عندما أطلّ في دعاية بطاريات «ريوفاك» التي علقت في ذاكرة اللبنانيين. يومها، ظهر شاب جذاب في ريعان شبابه، يردّد عبارة «شو بطاريتك ريوفاك». سرعان ما تحوّلت العبارة إلى لازمة شعبية يرددها الصغار والكبار. حظي فادي إبراهيم بدعم الممثل الراحل ؟إيلي صنيفر (1935 ـــ 2005) الذي شجّعه على دخول المجال الفّني. كما طلبه الممثل والمخرج اللبناني رشيد علامة (1931 ـــ 2002) لمسلسلاته التاريخية. لم يكن جماله مكتشفاً في الدراما التاريخية، بل إنّه حقّق نجوميته في المسلسلات الاجتماعية. كان متمكّناً من أدواته ومهاراته. عاصر كبار الفنانين اللبنانيين الذين عمل معهم من بينهم عبد المجيد مجذوب، وأحمد الزين، ومحمود سعيد، وسمير شمص وغيرهم.

كانت حكاية فادي إبراهيم مع التمثيل مؤثرة. هو لم يدخل ذلك العالم حاملاً شهادات جامعية أو بعد تخرّجه من معاهد المسرح، بل مارس المهنة بالفطرة. أثقل موهبته بالدراسة الشخصية، وكرّس نفسه للقراءة وتعلّم أصول التمثيل، كما لعب شكله الخارجي دوراً في سلوكه درب الفنّ. وصل إلى ذروة نجوميته في مسلسل «العاصفة تهبّ مرتين» (ﺇﺧﺮاﺝ ميلاد الهاشم وﺗﺄﻟﻴﻒ شكري أنيس فاخوري ـــــ 1995) الذي لعب بطولته إلى جانب رولا حمادة، وكارول عبود، وبيار داغر، وورد الخال. وكذلك، كان نجم مسلسل «نساء في العاصفة» (ﺇﺧﺮاج جان فياض وتأﻟﻴﻒ شكري أنيس فاخوري ــــــ 1997) الذي جمع رولا حمادة، ويورغو شلهوب، وميرفت حكيم، ونهلة عقل داوود. ولا ننسى تجربته في المسرح إلى جانب الكاتب الراحل مروان نجار وغيره.

كانت شخصية «نادر صبّاغ» في «العاصفة تهبّ مرتين» فأل خير على إبراهيم، فقد كانت أول مدماك في نجوميته وطرّزت شخصية رجل الأعمال وزير النساء. لاحقاً كرّت سبحة مشاركاته، خصوصاً أنّ «تلفزيون لبنان» كان في عزّه يحظى بمشاهدة من جميع اللبنانيين، فشكّل إبراهيم عاموداً من أعمدته. أسهم في جذب الانتباه إلى «تلفزيون لبنان» ورفع من نسبة مشاهديه بعدما أطلّ في «العاصفة تهبّ مرتين» و«نساء في العاصفة». بين «العاصفتين»، شارك إبراهيم في مسلسل «أصابع من ذهب» (ﺗﺄﻟﻴﻒ اندريه شاهين وإخراج ميلاد الهاشم ـــــ 1995) إلى جانب كلوديا مرشيليان وورد الخال وغيرهما. ثمّ كرّت سبحة أعماله في عشرات المسلسلات اللبنانية أبرزها «كل الحبّ كل الغرام» (تأليف مروان العبد إخراج إيلي معلوف)، و«بين بيروت ودبي» (ﺗﺄﻟﻴﻒ جبران ضاهر وإخراج ميلاد أبي رعد)، و«ثورة الفلاحين» (كتابة كلوديا مرشيليان وإخراج فيليب أسمر)، وصولاً إلى «للموت 2» (كتابة نادين جابر وإخراج فيليب أسمر).

بالتوازي مع المشاريع المحلية، كان حاضراً في الدراما السورية أيضاً، بل من أوائل الممثلين الذين شاركوا في مسلسلات الـ«بان آراب» في سوريا ومصر والأردن. وقف إلى جانب النجمة السورية نادين خوري في مسلسل «الكوخ القديم» (ﺇﺧﺮاﺝ أنطوان ريمي وﺗﺄﻟﻴﻒ مروان نجار ــــ 1992)، وكذلك حضر في مسلسل «أسمهان» (ﺇﺧﺮاﺝ شوقي الماجري وتأليف سعيد أبو العينين ـــــ 2008) الذي قارب سيرة المطربة الراحلة أسمهان. شارك أيضاً في المسلسل السوري اللبناني المشترك «علاقات خاصة» (تأليف نور شيشكلي وإخراج رشا شربتجي ــــ 2015). كما حجز مكانة له في المشاريع المصرية عبر مسلسلَي «فرقة ناجي عطالله» (تأليف يوسف معاطي وإخراج رامي إمام) للنجم عادل إمام، و«الأدهم» (تأليف محمود البزاوي وإخراج محمد النجار) الذي لعب بطولته أحمد عز.

على الضفة نفسها، كان المسلسل اللبناني «سرّ وقدر» (كتابة فيفيان أنطونيوس وإخراج كارولين ميلان ــــ إنتاج شركة «فينيكس بيكتشر» لصاحبها إيلي معلوف) آخر الأعمال التي صوّرها إبراهيم في الصيف الماضي، وسيعرض في شهر رمضان المقبل على قناة lbci. يومها، استطاع الممثل أن يكمل تصويره بصعوبة، جراء التعب الذي تراكم عليه نتيجة مضاعفات داء السكري، قبل أن يدخل المستشفى حيث بُترت قدمه، وتدهور وضعه الصحي فجأة في نهاية الأسبوع المقبل، ووافته المنية أمس في المستشفى.

صحيفة الأخبار اللبنانية

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى