شرفات

وليد معماري في عيده الثمانين :أين قامات الصحافة السورية ؟

وصلتُ أنا والصحفي الأستاذ وليد معماري إلى أحدِ المنشآت الرسمية، وكان على كلِّ واحدٍ منا أن يقدمَ هويته لموظف الاستعلامات لتسجيلِ أسمائنا في الدخول. سجل الموظفُ اسمي وأعاد هويتي، ثم أمسك هوية وليد معماري ، وقرأها، وسأله :

ــ هل أنت الذي تكتب في صحيفة تشرين؟

هز وليد رأسه، فقال الموظف:

ــ أنا أقرأ لك كل ما تكتبه، وما تكتبُه جميل جداً وجريء يا أستاذ!

شعرتُ أن الصحفي لايمكن أن يؤدي دوره، مالم يكن متابعاً من القرّاء، ولايمكن أن يكون متابعاً من القراء مالم يكن مهنياً وفذاً وقريباً منهم ويسعى لتقديم صحافة تليق بهموم الناس.

كان ذلك قبل أكثر من ثلاثين عاماً !

وليد معماري صحفي من قامات الصحافة السورية التي نعتز بها، فهو يعرف ماذا وكيف يكتب، ويعرف الطريق إلى قلوب القراء، وعندما يكتب الأدب يقترب منهم أكثر، وفي قصصه نبض الناس وهموم الطيبين منهم ، وأذكر أنني تشاركت معه في أمسية قصصية في مركز صيدنايا الثقافي، ويومها، أصغى الحضور إلى قصته الجميلة بانتباه وإعجاب، وعندما انتهى صفقوا له، وناقشوه بعباراته والشخصيات التي تحدثت عنها القصة.

كان يقرأ نصّه القصصي قبلي، لذلك غيّرت سريعاً النص الذي كنت أعددته للقراءة، وقرأتُ قصة جديدة تناسب الجو الذي أوجده وليد، فتفاعل الجمهور معي، وعرفت أن عليّ أن أتعلم من وليد معماري حتى في الإلقاء..

وليد معماري هو الذي صمم لي غلافَ كتابي الأول عن الدراما التلفزيونية السورية، وليد أعطاني جائزة في القصة القصيرة عن قصتي القصيرة جداً (كسوف) عام 1992 وهي قصة تتحدث عن اجتياح لبنان عام 1982 . وليد كتب الدراما وكان حريصاً على أن يكون قريباً من الناس ، وليد مصور فوتوغراف بارع ، متعدد المواهب،  اجتماعي، كريم ومحبوب وله سمعة تليق به ..

لا أنسى صحبته مع حسن م. يوسف ، كانا جارين ، وكانا يكتبان في صحيفة واحدة، وكان تعرفي على الصحفي والكاتب حسن م. يوسف متواقتاً مع تعرفي على وليد معماري، لذلك تعلمت منهما، وكنت بحاجة لأتعلم من قامتين بارزتين في الصحافة السورية، وأنا لا أخفي أنني قارئ جيد للصحف السورية في ذلك الوقت، وكنا نتابع قراءة ما يكتبه الصحفيون عن الناس باهتمام، ونُعجب ببساطة الكلمات وجرأة الموضوعات وبساطة العبارات  ..

من ينسى تلك الأسماء المزنرة بالطيب والإبداع الذين تعلمنا منهم : سعد الله ونوس، جلال فاروق الشريف، الدكتور غسان الرفاعي، الشاعر محمد الماغوط ، القاص زكريا تامر، القاص ياسين رفاعية ، الشاعر والمسرحي ممدوح عدوان، وأيضا الصحفيان والكاتبان وليد معماري ، وحسن م. يوسف.. !

كانت الصحف في تلك الفترة قادرة على  استقطاب الأسماء الكبيرة، وكانت تلك الأسماء قادرة على التأثير بجيل جديد، وتوليد أسماء جديدة في عالم الصحافة والأدب، واليوم أتذكر كل ذلك، وأنا أقرأ تاريخ ميلاد الكاتب الصحفي الأستاذ وليد معماري لأكتشف أنه احتفل قبل أيام في عيد ميلاده الثمانين !

ماذا أقول لك ياوليد ؟

سأكتب على يدي أنني لكي أكون صحفياً ينبغي أن أبحث عن أولئك القادرين على تعليمنا كيف تكون الصحافة قريبة من الناس ، وإلا فلن يعرفنا أحد عند نقدم هويتنا لموظف استعلامات في دائرة حكومية !

كل عام وأنت بخير .

 ملاحظة : نشرت قبل أسبوعين في مجلة الأسبوع الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب

ملحق

من أعمال الكاتب الصحفي وليد معماري :

§       أحزان صغيرة (مجموعة قصصية)

§       اشتياق لأجل مدينة مسافرة (مجموعة قصصية)

§       شجر السنديان (قصص أطفال)

§       أحلام الصياد الكسول

§       العجوز والشاب (قصص أطفال)

§       عشرون قصة للأطفال

§       زهرة الصخور البرية

§       مقدمة للحب

§       دوائر الدم

§       حكاية الرجل الذي رفسه البغل

§       درس مفيد

§       تحت خط المطر

§       شاي بالنعناع

§       الصياد الملك

§       مغارة الأسرار

§       شيء ما يحترق (فيلم)

§       الزائرة

§       يوميات ولد اسمه شغبوب ( مجموعة قصصية)

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى