المستحيل و الممكن
المستحيل و الممكن..كثيرا ما يطرح علي هذا السؤال : لماذا لم تغادر بلدك الموبوء بالفيروس القاتل والغلاء القاسي و الحكم الفردي يغدو إستعماراَ من عددا من الطامعين الكبار مثل روسيا وأمريكا وإيران فلا أجد جوابا سوى إنني لا أريد أن أموت في إسطنبول أو الدوحة أو دبي أو باريس.
فأجيب : هنا في دمشق قبري جاهز في مقبرة ” باب الصغير ” حيث لا يوجد فيها الان مكان لقبر جديد.
فيسألون و: لمن تنتمي إذن ؟
فأجيب بأنني لا أنتمي إلى أي من القوى التي تتصارع الان على أرض بلادي تحت شعارات مزيفة … أنا أنتمي حقاً إلى الحرية والكرامة والاخوة المذهبية، و أنا أعرف أنها شعارات اختفت وكل ما أسعى إليه الآن هو تذكير الناس بها على الأقل لا أن أنجو بنفسي وأدعي مع ذلك أنني مع الحرية والكرامة. وحين يصفون هذا السؤال هل هذا كاف؟ أجيب بأنني أعرف الصعوبات التاريخية التي تزداد تعقيداً وصعوبة .
ولكن هذا لا يعني أن نهرب و نتغنى من بلاد الغربة بالوطنيات . لا بأس أن أضيف أن الجوع والمرض في هذا السياق خطران يمكن التخفيف من أثقالهما وليس القضاء عليها تماماً ، ذلك أننا مع هذا الغلاء المرعب للأسعار لا سبيل إلى القضاء عليه كما يبدو و لكن من الممكن على الأقل أن ندعوا و نصر في دعوتنا على فضح عملية الغش والخداع الكبرى التي يقوم بها كبار التجار والموظفين في السيطرة على الأسواق. و لا سبيل لمقاومة هذا الحلف المادي بين التجار الكبار والموظفين الكبار كطبقة قادرة على المشاركة في حرب الغلاء على الأقل سوى الكشف علنا عن هذه الطبقة
حسناً…هذه كلمة وداع وإن كانت لا تبدو كذلك إن سوريا التي يتبارى المتصارعون وفي التعبير عن حبهم إياها نقول لهم بكل صراحة أرجوكم لا تشدوا علي في عناقكم الكاذب كي تعبروا عن حبكم..إنكم تكسرون عظامنا…أرجوكم لا تعبروا عن حبكم لنا نحن المعوزين بهذه الطريقة الوحشية.
ولكن هيهات .. فقد فات الآوان كما يبدو على التفريق فعلاً بين الحب والكراهية أو بين الأثرة و الإيثار…لقد آن لنا أن نفهم أننا جميعا معرضون للخطر ، ولا بأس أن يحب بعضنا بعضاً كي نستطيع الإستراحة أمداً كافياً قادراً على أن يحرض فينا نوعا من الطمأنينة أننا قادرون حقاً على أن نخفف غلواءنا عبر الحلول الكبرى .. فلنؤمن على الأقل أن الأمر الممكن قد يفتح الطريق ولو قليلا أو مؤقتاً أن الحل الكامل ممكن و ليس مستحيلاً كما يقال!