الحلم الكبير الفاشل
الحلم الكبير الفاشل… تكتسح الأحداث في ذاكرتنا ثم لا يلبث للزمن أن يطويها حتى كأنها لم تحدث و أعني بهذه المقدمة القاسية ما جرى لنا ذات يوم بل أكثر من خمسين عاما و كانت “سوريا ” عهدئذ دولة ديمقراطية حين حملتنا البواخر إلى بلد أوروبي مجاور للاتحاد السوفياتي هو ” بولندا ” و ” أو كرانيا ” حيث تجري الأن لعبة ينجزها الحالمون من الروس أن يستردوا سيطرتهم التي فقدوها بعد أكثر من سبعين عاما من سيرة الإتحاد السوفياتي – أي روسيا تحديدا – في سيطرته على جيرانه الذين استردوا استقلالهم ، و ها هم الأن يواجهون ما يشبه الماضي المجيد الذي بدأ يعود إلى الأسماء الوطنية التي فقدها…
ما أزال أذكر إقامتنا التي طالت إلى شهر كامل في الدولة الشيوعية ” السوفياتية ” المسماة الأن ” بولندة ” كنا ما نزال في أوج شبابنا مع الأجيال الاشتراكية بقيادة “الإتحاد السوفياتي ” إلى صنع الحلم البشري القديم عن ضرورة خلق نظام سياسي عادل و تقدمي يقود العالم أجمع إلى جنة كنا نحلم بها و نناضل فكريا و بثقة بالنفس إلى خلق العالم الذي تحلم به البشرية منذ أجيال قديمة و لم يحدد من جديد سوى دولة كبرى خارقة هي ” روسيا ” دائما و المسماة في تلك المحاولة الإتحاد السوفياتي .
هل سيعيد بوتين رئيس هذه المحاولات الشيوعي العريق في مذهبه مع الدولة التي إحتضنته و جعلته من موظف شيوعي إلى واحد من قادة الأمن الشيوعي في البلاد المحيطة بالإتحاد السوفياتي أي روسيا لتحقيق الحلم الشيوعي باسم آخر ..
يالها من أيام عشناها عامرة بالتفاؤل و النشاط الفكري الجديد المعلم لأوروبا .. و لكن هيهات ..لقد إنهار كل شيء و من ذلك بالرغم من السبعين عاما من السيطرة و التفاؤل بالعالم الإشتراكي الشيوعي الطافح عندهم بالأمل و الثقافة ثم يوما بعد يوم الدولة الكبرى بما يشبه نظامها القديم.. ثم ينتهي كل شيء في النضال البشري لخلق الدولة الإشتراكية – أو الشيوعية كما تسمى أحيانا و كأن هذه المحاولة الدولة التي تحلم بالعودة إلى نظامها القديم العريق غير أن الأحداث العالمية – كما يبدو – هي نوع من إستعادة الذكريات الجميلة على الورق و ليس في قلب الواقع البشري الحق … و أن ” روسيا ” الكبرى لن تنجح في إستعادة الحلم الوطني العريق بالدولة العالمية الحرة.
هيهات … لقد إنتهى ذلك العهد العامر بالأحلام إلى الأبد كما يبدو…