في هذا العام تحتل الحرب على غزة أجواء رمضان خاصة وأن إسرائيل، ومن ورائها أمريكا، يريدون انطلاقا من حرب غزة تغيير شكل الشرق الأوسط، أي أننا أمام مسعى إسرائيلي لتغيير خريطة المشرق العربي بالنار والقصف والتدمير والتفجير والابادة الجماعية.
أي أن عرب المشرق العربي يتعرضون في شهر البركة إلى أخطر ما يهدد وجودهم كدول ذات سيادة، وكشعوب تملك حق تقرير مصيرها. وهذا ما يجعلهم جميعا مطالبون باتخاذ خطوات أكثر جدوى وفاعلية في الدفاع عن وجودهم وحقوقهم وليس دفاعا عن القضية الفلسطينية فقط.
فظاعة الجريمة الإسرائيلية في غزة اضطر نجوم هوليوود في حفل توزيع جوائز أوسكار إلى اتخاذ موقف إخلافي جرى التعبير عنه بأن قام النجوم بوضع دبوس احمر على صدورهم مطالبين بوقف الحرب في غزة. وجرى منح فيلم اوبنهايمر سبع اوسكارات تقديرا ودعما لرسالته في إدانة السياسة الأمريكية التي صنعت القنبلة الذرية وألقتها على هيروشيما وناكازاكي، خاصة وأن هذا الفيلم يروي سيرة صانع القنبلة الذرية انطلاقا من إحساسه بالعار والخزي تجاه ما تسبب به للإنسانية من عذاب.
هوليوود تاخذنا إلى طقس المسلسلات في رمضان وهو الطقس المستمد من عمق عربي حضاري متعلق بألف ليلة وليلة وبالقصص بدءا من الكتب المقدسة وليس انتهاء بالقص الشعبي، والمستفيد من إنجازات هذا الفن الثقافي الإبداعي الأكثر تأثيرا وانتشارا. وهوليوود أيضا ولأنها المتفوقة في هذا الفن تصبح حكماً ومعياراً لتقييم مسلسلاتنا وما نقدمه، خاصة وأن أمريكا منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، اعتمدت الفن السينمائي والتلفزيوني كسلاح ثقافي فني ابداعي لترويج أفكارها وايديولوجياتها. والسؤال هل تعلمنا هذه الناحية من هوليوود؟؟ وهل فهمنا هذه الدور للفن السينمائي والتلفزيوني؟؟ هل تعلمنا كيف نقترح على العالم فكرنا وثقافتنا ورؤانا؟؟؟ وهل نصنع ونبدع مسلسلاتنا لتكون بحق فناً ابداعياً حضاري. يعبر عن ثقافتنا وأفكارنا ومطامحنا؟؟؟
هوليوود او الفن السمعي البصري الغربي، السينمائي والتلفزيوني، كان جزءاً من مشروع ثقافي شامل، لذلك انتظم ما يطرحه في إطار تقديم ومناقشة وانتقاد الفكر الغربي في إطار خدمته وتطويره وارتقائه باستمرار. بينما جاء الفن السينمائي والتلفزيوني العربي إما نتيجة توجيهات حكومية حزبية وإما نتيجة فكر منتجين خاصين مستقلين. ومن ثم تطور الفن العربي لتصبح الدراما التلفزيونية تابعة لمحطات تلفزيونية هي المشتري الأكبر لها والمحكومة بسوق الإعلانات. وبالتالي فهذه هي من يقوم بفرض ما تريد و ما يفيدها على هذه الدراما.
وهكذا فنحن كعرب نفتقر إلى مشروع ثقافي عربي حضاري يشكل القاسم المشترك الموحد لوجهة ومسار محتوى الدراما التلفزيونية والسينمائية. وغياب مثل هذا المشروع الحاضن والجامع يجعلنا نواجه أحيانا دراما متطورة، وأحيانا نرى دراما متوسطة، وكثيرا ما تعرض علينا دراما سخيفة أو تافهة. وكل ذلك يعيدنا للتفكير بضرورة صياغة مشروع ثقافي فكري حضاري يشكل الرحم الطبيعي لهذا الفن المبدع الإبداعي والمؤثر. المطلوب مشروع ثقافي حضاري حقيقي و ليس مشروع دعائي أيديولوجي لهذا النظام أو ذاك كما تفعل بعض المؤسسات الملحقة بهذه الحكومة أو تلك. الثقافة فوق وأرقى من أي دعاية.
في رمضان نواجه أخطاراً تتهدد وجودنا، وما حديثنا عن مشروع ثقافي عربي حضاري جامع إلا من باب البحث عن الروح القادرة على مواجهة الأخطار المحدقة و المحصنة للهوية العربية الفاعلة في تحقيق الذات العربي وحمايتها بإستمرار.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة