الذكاء العاطفي هو إدراك لأفعال الشخص ومشاعره، وكيف يؤثر بها على من حوله، وفي الوقت نفسه يقدر الآخرين ويكون قادراً على الاستماع لرغباتهم واحتياجاتهم ومتعاطفاً مع مشاكلهم، فهو وسيلة أساسية لتحسين حياتك الشخصية والعملية وعلاقتك بنفسك وبالآخرين، فهو المعرفة، والتعاطف والتواصل بصورة فعَّالة مع الآخرين.
-
ما هو الذكاء العاطفي؟
يقول الدكتور أحمد علي، أخصائي التنمية البشرية لـ”سيدتي”: الذكاء العاطفي (EQ) هو القدرة على فهم عواطفك وعواطف الآخرين وإدارتها بطرائق إيجابية لتخفيف التوتر، والتواصل بصورة فعَّالة، والتعاطف مع الآخرين، والتغلُّب على التحديات والصراعات، كما يساعدك الذكاء العاطفي على بناء علاقات أقوى، بل يؤثر على حياتنا الشخصية اليومية وإدارة مستويات التوتر لدينا، ويساعدنا في اتخاذ قرارات أفضل وفهم الآخرين.
يقول د. أحمد علي إن الذكاء العاطفي هو حاسة جديدة توجد عند جميع الأشخاص ولكن بدرجات متفاوتة، وهو قدرة الشخص على فهم وإدارة عواطفه بطريقة إيجابية ومعرفة أثرها على من حوله، كما يتضمن أيضاً ملاحظة الآخرين نتيجة لوجود ترابط كبير بين فهم مشاعر الآخرين وإدارة مشاعره، إذن فالشخص الذي يتمتع بهذا النوع من الذكاء؛ يعرف جيداً كيف يتعامل مع الآخرين، بل يجعل الآخرين يشعرون بحال أفضل.
يؤكد د. أحمد أنه كلما زادت نسبة الذكاء العاطفي؛ تميز أصحابها بعدد من الميزات والفوائد التي تعمل لصالحهم، فيمكنهم أن يحققوا نجاحاً أكبر في حياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية، التنبؤ بتصرفات الآخرين من حولهم، والإحساس بآلامهم، وفهم مشاكلهم والشعور بها، وفهم آثارها؛ مما يُسهم في السيطرة على التصرفات والأفكار والتخاطر وقراءة عقول الآخرين من حولهم والإنصات إليهم، وتحقيق أهدافهم المهنية والشخصية. قد يساعد أيضاً على تحويل النوايا إلى أفعال، واتِّخاذ قرارات، أما الهدف من هذا المصطلح فهو التواصل بشكل فعال مع الآخرين والتعاطف معهم، فالشخص الذي يتمتع بهذا النوع من الذكاء يعرف جيداً كيف يتعامل مع الآخرين، بل يجعل الآخرين يشعرون بحال أفضل.
أهمية الذكاء العاطفي
-
في بناء العلاقات
إن فهم الإنسان لذاته يجعله أكثر وعياً بمشاعر الآخرين ورغباتهم، وهذا بدوره يؤثر بشكل كبير على تكوين العلاقات، بدءاً من الصداقات والعلاقات العاطفية، وانتهاءً بزملاء العمل والعلاقات مع الرؤساء، فيميل المرء إلى أن يصبح أكثر وعياً بذاته وبناء علاقات اجتماعية ناجحة. والأشخاص ذوو الذكاء العاطفي نجدهم محبوبين ومقبولين لدى الجميع، فهم مستمعون جيدون للآخرين، وقادرون على إعطاء النصائح الجيدة عند الحاجة، وإقامة علاقات أقوى، سواء في العمل أو في حياتهم الشخصية.
-
في النجاح المهني
استخدام الذكاء العاطفي في العمل يُسهم في تحقيق النجاح، ويكون ذلك من خلال تحويل السلبيات إلى إيجابيات، وتعزيز العلاقة مع كل من زملاء العمل والمدراء، وإبداء روح التعاون والسعي لحل المشكلات التي قد تواجه الجميع في العمل، كما أن الشخص الذي يتمتع بالذكاء العاطفي يمتلك القدرة على التحكم بمشاعره ويتحمل مسؤولية أفعاله، كل تلك الأمور مطلوبة لتحقيق نجاح على صعيد العمل.
-
في مجال العمل والدراسة
و يلعب دوراً كبيراً في هذا المجال، فهو يؤدي إلى حل الكثير من المشاكل والتعقيدات التي تحدث خلال الدراسة والعمل بين الزملاء والموظفين، ويؤدي إلى ضبط وتحسين الحياة المهنية والوصول إلى المناصب القيادية والوظيفية المرموقة، ويعتبر الذكاء عنصراً مهماً عند توظيف الأشخاص من خلال الاختبارات المختلفة، فقد أصبح الآن محوراً في أسلوب التوظيف، حيث قد تُسأل عنه في مقابلات العمل من خلال الأسئلة السلوكية، أو أثناء جلسة مراجعة الأداء.
-
في مجال الصحة العقلية
لا شك أن له أهمية كبيرة في مجال الصحة العقلية والجسدية أيضاً، فكلما كان الإنسان غير قادر على إدارة مشاعره بشكل سليم والتعامل بشكل سوي مع الآخرين، كان أكثر عُرضة للأزمات النفسية والعقلية، وسوف يكافح أيضاً لتكوين علاقات وطيدة، ممَّا قد يؤدي إلى الشعور بالوحدة والعزلة، ويزيد من تفاقم المشكلات النفسية.
-
في النقد البنّاء
يعد النقد البنّاء وتقبّل النقد بروح رياضية من أهم مهارات الذكاء العاطفي، فلا يجب على الفرد أن يكون ضيق الصدر تجاه الأشخاص الذين يوجهون إليه النقد، بل يجب عليه أن يتقبل هذا النقد بروح رياضية ويحاول استغلال هذه النقاط بشكل إيجابي في التطوير من نفسه وإصلاح أخطائه أو نقاط ضعفه، فالنقد البناء من أكثر الممارسات الإيجابية التي يُمكن تقديمها للآخرين، فهو يندرج تحت النصيحة اللطيفة والكلمات الطيبة التي تُعطي انطباعاً لطيفاً عنّا لدى الآخرين كي يُحبونا ويتقبلوا نقدنا برحابة صدر.
-
الذكاء الاجتماعي
يستطيع الأشخاص الذين يتمتّعون بالذكاء الاجتماعي أن يحسّوا بمشاعر الآخرين، ولديهم قدرة حدسية تمكّنهم من التحدّث بعفوية وسلاسة في مختلف المواقف الاجتماعية، وقد تعتقد أنّ مثل هؤلاء الأشخاص يمتلكون مهارات اجتماعية متقدّمة، إلا أنهم في الواقع أذكياء اجتماعياً، فذكاؤك الاجتماعي يربطك بالأشخاص الآخرين والعالم من حولك، ويتيح لك تمييز الصديق من العدو، وإدراك اهتمام الآخرين بك، وتقليل التوتر، وتوازن نظامك العصبي؛ من خلال التواصل الاجتماعي، والشعور بالأُلفة والحب والسعادة.
-
في الصحة الجسدية
عندما يعجز المرء عن إدارة عواطفه، فمن المحتمل ألَّا يتمكَّن من إدارة التوتُّر، ممَّا قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، إذ يزيد التوتر من ضغط الدم، ويثبط جهاز المناعة، ويزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، ويسرع عملية الشيخوخة، لذلك من الخطوات المهمة لتحسين الذكاء العاطفي هي تعلُّم كيفية إدارة التوتر.
-
في الثقة بالنفس
يساعد على خلق نوع من الثقة بالنفس الإيجابية، فمع قدرة الشخص على فهم نفسه وفهم الآخرين، يستطيع من خلال الثقة في قراراته ودوافعها بالشكل السليم أن يجنبه من الاندفاعات السلبية، أو التشكيك في قدراته على اتخاذ القرارات الصحيحة.
-
في تعزيز الروح المعنوية
يمكن أن يكون الذكاء العاطفي مفيداً أيضاً في تعزيز الروح المعنوية بين الفريق في العمل، فعندما يدرك القائد الذكي عاطفياً ويقر بإسهامات كل عضو في الفريق، فتصبح أكثر مرونة في مواجهة الفشل أو الشدائد، فإنه بذلك يخلق إحساساً بالصداقة الحميمة والثقة التي يمكن ألا تقدر بثمن للحفاظ على الروح المعنوية عالية خلال الأوقات الصعبة.
مجلة سيدتي