لا ينجو الخريف أيضاً
لا ينجو الخريف أيضاً
“… حتى ننجز السلام ينبغي الشفاء من فكرة إبادة العدو”.
إلى هذا الحد هي جذرية، وملتصقة، وثابتة فكرة الإبادة عند إسرائيل. ذلك لأنني لست أنا القائل هذه الجملة، والذي قالها إسرائيلي لم يكن، في أية لحظة، محتاجاً إلى البحث عن شارع المتنبي في حيفا، لأنه ببساطة لن يجده. فقد تغير اسم الشارع منذ الاستخدام الأول للدهانات المكلّفة بالنسيان.
لكن إحدى الأوراق التي تناثرت في القصف (أي قصف، إذا شئتم، من غزة إلى بيروت إلى دمشق) كتبها طفل على شكل رسالة إلى السماء، يقول فيها، برفع كلفة واضح:
“عزيزي الله بدلاً من أن تجعل الناس يموتون، ثم تضطر لصناعة بشر جديدين… لماذا لا تحتفظ ، بهؤلاء الذين صنعتهم بالفعل؟
ونلاحظ، عبر الحروب، أن الأطفال يشبهون الأعشاب التي تتضرر من أقدام الفيلة، في أي عبور إلى أي مكان.
ولكن، مع ذلك، توجد تلك الروح العظمى البريئة والذكية لدى الصغار، ليقولوا كلمات في كل شيء!
اسمع مثلاً هذه التعريفات للحب. ( يتجلّى الحب في أزمنة الكراهية) وهي تعريفات لأطفال بعمر 7 سنوات.
” عندما يحبك شخص ما فإنك تشعر بانه ينطق اسمك بشكل مختلف عما ينطقه بقية الناس. إنك تشعر بأن اسمك بأمان في فمه”.
“الحب هو ما يجعلك تبتسم حتى وإن كنت متعباً للغاية”.
إن تعلّم العيش في حقل أرجوان صعب في بلاد عديدة في عالمنا… ربما في عالمنا كله، فقد يأتي من يقول لك “احذف هذه الجملة” من هذا النص:
“إن أوراق الشجرة ترقص، وهي تسقط على الأرض” وستعرف عندئذٍ، أن الرقص هو الممنوع. وبالتالي الممنوع هو الشعر الذي يصور الفتنة الراقصة والبريئة ، لأوراق شجر الخريف وهي تتهادى وتسقط.
ينبغي في هذه الحالة من التزمت، أن نحاول معرفة الأساس الذي يجعل “مراقب النصوص” ينتبه إلى بديهية سقوط الأوراق، وإلى طبيعية انتباه الشاعر لهذا السقوط الراقص.
إن مراقب النصوص هذا، بعد فترة من ممارسة، هذا البصر البصّاص الرهيب، سوف يجعل من الكتابة الإبداعية سخافة وحسب. عبثاً. نوعاً من اللعب المعاقب عليه. وربما كان هذا هو السبب في هذه المعادلة: كمية من “المنع” تساوي، مع الزمن، كميات من “القمع”.