هل أنـا حقـا أنـا ؟
هل أنـا حقـا أنـا ؟ .. فاجأت نفسي مرة مأخوذا برغبة لا تقاوم في أن أرمي جانبا كتابا بين يدي كنت اطالعه كي أنهض فاحرك جسدي على إيقاع راقص لموسيقا أحبها ، فوضعت الكتاب جانبا ووقفت متمطيا محرضا عضلات جسدي المتخشبة من طول الجلوس على أن تطاوعني في رغبتي لتحريكه حسب إيقاع الموسيقا التي كنت أسمعها و لم ألبث أن وجدتني أهز أوصالي على الصدى المسموع.
لم يكن لرقصي أي معنى أو نظام محدد سوى أنها كانت من الحركات الطليقة يقوم بها جسدي تواق إلى الإندغام في الأيقاع الموسيقي حتى لكأن امتداد الذراع أو لفتة العنق أو إنحناء الساق أو القفز إلى أعلى إلى غيرها من الحركات لم تكن سوى تعبير عفوي عن الموسيقا التي تصل إلى مسمعي.
كان باب الغرفة التي كنت فيها مغلقا، و لو كان مفتوحا لما تجرأت على هذا التصرف الذي لا يليق برجل في عمري ومركزي كما يقولون.
ولو فتح الباب فجأة لتوقفت فورا عن حركاتي الطائشة في نظرهم و لكن ربك ستر و لم أهدأ إلا بعد أن هدّني التعب فاستلقيت على أحد المقاعد مسترخيا و أنا أشعر ببهجة لا توصف.
و ذات مرة و أنا أستسلم لتيار الشعر و هو يدفعني للكتابة إذ بي أتوقف عن الكتابة حين داهمتني عبارة خاصة تصف حركة معينة للعناق بين حبيبين غاية في الطزاجة و الرقة إي أنها كانت تلامس إحدى الصور الجنسية المثيرة فترددت و توقفت عن إكمال العبارة خشية أن أتهم بالمجون.
تلك بعض من حالات كثيرة تمر بنا في مجتمعاتنا المتخلفة أو المحاصرة بموانع الجهل أو الإستبداد و التي ترافقنا و تحاصرنا و تعاقبنا على مخالفتنا الأحكام السائدة بطغيانها منذ قرون سحيقة في القدم فاين لأمثالنا المبدعين التواقين للتحرر من الخوف و الجهل و الاستبداد هذه الموانع التي تحولت مع الزمن إلى تقاليدنا أشبه ما تكون بالأغلال.
و من هنا أسأل نفسي أحيانا هل أنا حقا شوقي بغدادي الذي يعرفه بعض الناس هو ذاته حين يخلو إلى نفسه أم أنه يتحول إلى شخص آخر ؟ و المؤسف كل الأسف أن الشخص الآخر الذي هو أنا هو الإنسان الأعمق شعورا بالحرية كحاجة لا غنى عنها أبدا في أن يكون الواحد منا هو نفسه ، فإلى متى لا نكون نحن أنفسنا إلا في الغرف المغلقة كي نرقص و نكتب و نغني على هوانا ؟…