السلفيّة : داء يفتك بغير المسلمين أيضا…
السلفيّة : داء يفتك بغير المسلمين أيضا…نجحت بعض وسائل الإعلام الغربي في إقناع الكثير منّا بأنّ الفكر السلفي عربيّ النشأة واللسان والملامح ,أصيل ثقافة التحريم والتكفير , يدين بالإسلام , يطلق اللحى ,يلبس الجلباب ويصلّي الصلوات الخمس ,حتى أنهم يعمدون إلى عدم ترجمة كلمة (السلفيّة) ومشتقاتها إلى لغاتهم ,بل يكتبونها – وحرفيّا – بأحرف لاتينيّة ويحاولون نطقها بلكنة عربية ….تماما كما نتعامل نحن مع منتجاتهم في استهلاكنا اليومي مثل (كمبيوتر) (لابتوب) (موبايل) وغيرها ….وشتّان بين الاستعمالين ,فالفارق واضح,شاسع …مفزع ومخيف.
هكذا يمضى الكثير من نخبنا الثقافية والسياسية في إشاعة التعامل مع هذا المصطلح الذي زحزح من سياقه اللغوي الأوّل وانزلق إلى ما آل إليه من أحاديّة وتعميم وتعتيم بسبب صحافتنا التي تمشي في ظلّ الإعلام الغربي وتصدح بصداه عن دراية أو جهالة.
هل ينبغي التذكير – ودون فذلكة أو تنظير – بأنّ السلفيّة هي نمط تفكير بشري قديم ,يقوم على تمثّل السلف باعتباره القدوة الأصلح والأصحّ لحكم الدولة والفرد والمجتمع في كل زمان ومكان ,مع رفض الاجتهاد والتطوير والحوار ,لأنّ السلف لم يترك للخلف مشكلة دنيوية أو دينيّة إلاّ ووجد لها حلاّ.
السؤال البسيط الذي يطرح نفسه بما يشبه الاستفزاز :هل أنّ هذا التعريف لا يشمل إلاّ فئة واحدة ووحيدة من المسلمين دون غيرهم ,أم ينطبق على ما عداهم من ذوي هذه النزعات الأصولية في مختلف المذاهب والعقائد والإيديولوجيات والديانات السماوية والوضعيّة ..ألم يمارس حتى الماركسيون والملحدون والوجوديون والبوهيميون والفوضويون نزعاتهم الأصولية و السلفية و(الجهادية) على الناس …!؟..لماذا إذن نسمّي كل الأشياء بنصف لسان ,بصنف واحد ونسلّط الضوء على طرف دون آخر.
هل توقّفت فعلا فظائع محاكم التفتيش والحروب الصليبيّة ,هل ننسى تطرّف الحاخامات في فلسطين ,هل نغضّ الطرف هذه الأيام على تحريض البوذيين ضدّ المسلمين في آسيا .
هل بتنا نحن المسلمين (التمثيل الأفضل) لمتطرّفي العالم دون غيره ؟ ,أم أنّ في الأمر خديعة ,مثل من يحذّر الناس من تناول (ماركة) واحدة من المسمّمات ؟.
إنّ سلفيينا أيها السادة هم صنف واحد من الذين لوّثت عقولهم الأزمات وضحك عليهم سماسرة الديانات وتجّار الأزمات , إنهم أبناؤنا ممّن يعتقدون أنّ الخلاص في حلّ الأزمات عموديّا لا أفقيّا .
هم يلتقون مع خصومهم (زملاؤهم) من المعتقدات الأخرى في الذهاب نحو أقصى الحلول ورفض الحوار …كما نلتقي – نحن المسالمين – مع شركائنا في الدفاع عن حنان أمّ وحنوّ أب وحضن أخ وإخلاص صديق.
السلفيون يجتمعون في كل أنحاء الأرض على نبذ الواقع ورفض الأخر …إقصاؤه بالتمام والكمال ,حتى لا يبقى أحد غيرهم ..ومن ثمّ التقدّم إلى الله والحقيقة كوكيل حصريّ ووحيد.
إنهم أقسى وأقصى امتحان بليت به الانسانية على مرّ عصورها …لتثبت قدرتها على البقاء وتقول لخالق الكون :نعم فهمنا آيتك الكريمة في قولك الكريم : (إنّا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا,إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم . ) .
التطرّف علّة مرضى هذا العصر وصفة الذين لا يتقنون الجدال , فيروسات التي لم تلقّحهم ثقافاتهم منها ..والأوبئة العضال التي تأتي على حرثنا وزرعنا وتفتك بحصادنا….مثل جراد نربّيه في حقولنا ثمّ ندّعي أنّنا لا نعرف من أين أتى.
السلفيّة أيها الإنسان هي أن تزعم بأنّك الأفضل والأقوى داخل مجموعة تعاني الوهن والضعف بسبب عجزها على تشخيص أمراضها …وتدّعي أنّ العدوى قادمة من الخارج…..كيف تحارب قتل نفسك بنفسك أيها الواهم أبدا ,أنّ عدوّك لا يوجد إلاّ في رأسك وأضغاث أحلامك.
لو توحّد سلفيو العالم – مجازا – (على تلوّن معتقداتهم و تضارب سلوكياتهم وتنافر هوياتهم ) لأصبحوا قوّة ضاربة لكلّ دعاة الوسطيّة و الاعتدال ,ساحقة ماحقة لطلاّب التعايش والتسامح وناشطي السلام….ولأمسينا – نحن دعاة الحوار – أقليّة ضعيفة تبحث عن وساطة للحوار.
تخيّل – عندئذ – هول الكارثة , :طريق دون إشارات مرور, شرطيّ دون صافرة, كتابة دون اتّجاهات,سهام تتكسّر فوق السهام ,أخر دون آخر,بضائع دون مشترين,مرايا تواجه المرايا …والمواجهة أبديّة ,بين مبارزة لكسر كل العظام وهي رميم.
قد يصفوننا بالتشدّد لأنّنا أقلّ شدّة وأكثر انفعالا عندما يفعلون …وأقلّ انصاتا إلى العقل حينما تضيق بنا السبل والاتجاهات.
فيا سلفيي العالم ,لا تتّحدوا ,بل اعترفوا بالخلافات …لأنّنا سوف نمسي بعد (اتّحادكم ) هباء منثورا.
*كلمة ع الطاير وعلى ورق (قزاز) :طلب من ثلاث قيادات سلفيّة قويّة ومتحاربة ومن مختلف العقائد أن تلبّى طلبات كل واحد فيهم بشكل سريع ,طلب الأوّل تدمير الثاني وكذلك فعل الثاني بطلب تدمير الأوّل ,,,أمّا الثالث فقد اعتذر واكتفى بطلب تلبية الزميلين الاثنين دونه … لينعم بالخلاص….وتسود أصوليته.