هل كلّفوا تكليفا ..
هل كلّفوا تكليفا .. أمامي الآن صورة لوثيقة مستخرجة من دير كنيسة جبل سيناء وهي عبارة عن رسالة من نبي الإسلام محمد ” ص ” بتاريخ ٦٢٠ م إلى الكنيسة حمّلها رسوله علي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه ويتعهد فيها بحماية المسلمين للمسيحيين ورعايتهم وضمان حريتهم في العبادة والدعوة إلى ديانتهم والتبشير بتعاليمها ..
وقد أثبتها عام ١٥١٧ م السلطان العثماني سليم الأول .. واحتفظ بالمخطوطة في خزانة المملكة بالقسطنطينية
وتظهر طبعة يد النبي العربي الكريم على الرسالة للتوثيق مرفقة بترجمة إلى الانكليزيّة .
تخلو الوثيقة من الحواشي والإضافات والاستثناءات، ولا تحتاج إلى المزيد من الشرح والتفسير أو قراءة ما خلف هذه السطور الواضحة الحاسمة التي فهمها العرب والعجم آنذاك وكل من عاصرهم من أصحاب السلطة ومراكز النفوذ والقرار.
أربعة عشر قرناً مرّت على هذا الكلام الواضح الصريح كحدّ السيف ..ومن نبي الإسلام ـ مدينة العلم ـ عبر” بابها ” علي بن أبي طالب …………ولم يستح الذين يقطعون الرقاب و يستبيحون الناس في أعراضهم وأوطانهم وأموالهم باسم رسالة الإسلام ..فعلاً صدق من قال ..ليس للسقوط قاع .!
لا أعتقد أنّ تفسير ما يحدث الآن لدى رؤوس الفتنة وأمراء التقتيل يتجاوز الاحتمالين، إمّا أنهم يعلمون جوهر الوثيقة ومضمونها الذي يؤكده الكتاب والسيرة فتجاهلوها قصداً وساروا ضدها خدمة لأعدائها …وإمّا أنهم يجهلونها ويعملون بما تمليه رؤوسهم الجوفاء ونفوسهم المريضة ظنّاً منهم ـ لا بل يقيناً ـ أنّ إعلاء رسالة الإسلام هو في “عدم توصيلها ” عبر محو الطريق وإغراقها في سيول الدم …
من أوحى لهم بذلك ؟ هل كلّفوا تكليفاً أم كلّموا تكليماً …؟!.
يعلم المغرمون بالسيناريوهات البوليسيّة أنّ السؤال الذهبي لفكّ الجرائم الملغّزة هو ” من المستفيد ؟ ”
” من المستفيد ” هو القاعدة التي ينطلق منها المحقّق نحو أبحاثة في أفلام الجريمة وحوله نفر من المعاونين والصحفيين والفضوليين والمتورّطين الذين يسعون بدورهم إلى محو الأثر وتضليل العدالة ….نسيت أن أضع كلمة “عدالة ” بين قوسين .
نعم، إنه نفس السيناريو الذي نشاهده في بلاتوهات تلفزية عديدة، يكتظ أو يخف، باقتراب الجهة المحلّلة من مسرح الجريمة أو ابتعادها منه …وحسب الجهات “المعلنة ” و”الراعية ” للمنتوج الذي يراد تسويقه .
أمّا وصيّة المغدورـ أي العيش المشترك ـ التي عادة ما تشكّل الحلقة المفقودة في الجريمة البوليسية فاسمحوا لي أن أوضّحها بما قاله النبي عليه السلام في الوثيقة:
“…ووالله لأمنع كل ما لا يرضيهم فلا إكراه عليهم ولا يُزال قضاتهم من مناصبهم ولا رهبانهم من أديرتهم . لا يحق لأحد هدم دور عبادتهم، ولا الاضرار بها ولا أخذ شيء منه إلى بيوت المسلمين. فإذا صنع أحد غير ذلك فهو يفسد عهد الله ويعصي رسوله”.
كلمة في الزحام
أعتقد أنّ الجهل ليس مجرّد “موهبة “، بل يكتسب عبر المثابرة وبفضل “أساتذة أكفّاء ” وهو يدرّس أحياناً، شأنه شأن “العلوم الصحيحة والنافعة ” وتمنح فيه الشهادات التي تؤهّل لتبوّء أرفع الرتب وقبض أعلى الرواتب …أليست الكتابة والرسم بالممحاة أخطر من تلك التي تمارس بالريشة والقلم…!؟.