كتاب الموقعنوافذ

فقدان الهوية بالبحث عنها

“إذا فقدت البرق…ماذا ينفعك البريق؟”

انظر إلى الهوية الحديثة للعرب، واستخدم كل معطيات ومناهج “علم الأجناس” و “علم الاجتماع” وحتى “علم النفس المرضي”… ولسوف تجد أن هذه الهوية بالغة الالتباس حتى بتعريفها الثابت الفاخر: العروبة والإسلام !
إنها المفتخر بها قد فرطت بمحتواها.  فهناك إسلام مفرّق بدل الموحّد ! ولا يكفي، بطبيعة الضرورة، أن يكتفي المسلم بتوحيد الله. فهذه قصة من أيام الفراعنة.
ولا يكفي أن نكون من نسل واحد. فهذا غير مؤكد. كما غير ضروري الإصرار على انتماء إلى قبيلة عظمى واحدة. وهذه قصة تجاوزها علم الأجناس، وحقائق التاريخ، أيضاً. وحتى لو سلمنا بذلك (كجزء من الهوية) فقد فرّط العرب بمحتواها، إذ أصبح العرب قبائل متناثرة و… متناحرة!
بقيت اللغة…
ما الذي فعلناه بها؟ الأرجح أننا استخدمناها لإنتاج خطاب ثقافي وسياسي مضلل وديماغوجي، وليس كهوية موحّدة ومتفاعلة مع عصرها وضرورات الحوار، والإبداع. وفي الحالات الفردية ضاع دور اللسان المبدع، في زحمة الغوغاء والضوضاء السياسية للقادة، وتابعيهم من منتجي الضلال في تبرير ما يحدث لنا جميعاً !
اللغة صارت أداة سوء تفاهم بدلاً من وظيفتها الرعوية الأولى. والثقافية التالية، كأداة غنية للتفاهم البسيط !
الهوية هي إنتاج قاعدة ثابتة ومشتركة ومتحولة للوحدات البشرية، التي تعيش معاً، وتفكر معاً ، وتقود نفسها في مراكب( لا مركب) ذات وجهة واحدة نحو هدف مشترك… معاً دائماً، بضرورات الجغرافيا، وحفريات التاريخ!
احذف الاقتصاد العادل المتوازن… تشطب العدالة!
احذف، ثانياً، المشاركة في صنع قرارات مصيرية… تحصل على أخطاء انحيازات فريق تعلو مصالحه إلى السماء وتطالها ، حتى لو انقرض فريق آخر !
احذف، أيضاً، الوعي الجماعي بما يحدث لنا ، وفي عصرنا، وسوف تكتشف أننا مزورو أحداث عصرنا، في أصعب وأدق ما يخصّنا.
…………..
سؤال الهوية اليوم من أصعب الأسئلة. لقد تصدعت في داخل كل بلد، ويتكاثر تصدعها مع كل يوم حرب، وكل يوم تدمير بيوت، وكل يوم نوايا الاستمرار في مشروع الخراب… وكل تدخل يتم من بلد إلى بلد.
هوية عرب اليوم : أنواع متعددة من إسلام ليس فيه ” السلام عليكم” بل نرسل إليكم قذيفتنا فردوا بأحسن منها.
إنها: اختلاط الأفكار والتباسها، تبدأ من التعريف الأول للعدو، ولا تنتهي عند التواصل الفقير مع الأخ والصديق.
و  مغامرة حرب معلنة أو كامنة. سادتها مغامرون، وضحاياها رعايا.
هم مغامرون، ونحن، في الشوارع وميادين الحروب… نُقتل !
وهم  يتصالحون، ونحن نرقّع نسيجنا الاجتماعي الممزق.
وهوية العرب، أيضاً، اليوم: المؤامرة… ليس لإيقاع الأعداء في كمين محكم، واصطيادهم في غفلة… بل لتشكيل حاجز حدود جديدة في وجه الهوية الموحِّدة. حتى صارت المؤامرة  “طبعاً “من الطباع. لم أعد أصدق أنه تكتيكات بعض الدول، في أزماتها مع بعض الدول. إنه عادة صحراوية، وسلوك بدوي، منذ أن استخدم الخلفاء والأمراء السمّ أداة للتخلص من الخصوم !
وهكذا….
هم يتآمرون…ونحن نتسمم وندفع أثمان فداحة هذا السّم.
العرب اليوم، في بحثهم ( إن كان هناك من لا يزال يبحث عن الهوية)… يفقدون وزنهم لصالح كل رياح التغيير في عالمنا المعاصر. وسوف تصغر وتتصاغر هذه الهوية حتى يصبح “وطن الحاكم” و “خيمته “…(مكاناً) مخصصاً له.
العروبة والإسلام واللغة… ذكرى في زمن الأطلال. ووقوف على خط التماس، بين متحاربين!
الهوية الكبرى، أصبحت هويات صغرى.
وفي محاولة لإيجاد الضائع، والمتناثر، والمبعثر…
ضاعت الهوية !
فما هو الزمن الافتراضي لعودتها فعّالة، حقيقية، وقابلة للإستخدام في حياة الشعوب ؟

 

10.10.2013
بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى