تحليلات سياسية

أوروبا تلوح بعقوبات جديدة على تركيا بسبب أنشطة التنقيب

يضيق الخناق تدريجيا على الحكومة التركية المصرة على انتهاك القوانين الدولية فيما يتعلق أنشطة التنقيب غير المشروعة شرق المتوسط.

وحذّر مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تركيا الجمعة من احتمال فرض عقوبات جديدة عليها، تشمل تدابير اقتصادية واسعة النطاق، ما لم يتم تحقيق تقدم باتّجاه خفض التوتر مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط.

وقال بوريل إن التكتل يرغب بمنح “الحوار فرصة جدية” لكنه ثابت في دعمه للبلدين العضوين اليونان وقبرص في الأزمة، ما عزز المخاوف من إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية.

وأعاد نزاع بشأن الحدود البحرية وحقوق التنقيب عن الغاز إشعال الخصومة التاريخية بين أثينا وأنقرة، حيث أجرى كل من البلدين تدريبات عسكرية بحرية منفصلة.

ووافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين يعقدون اجتماعا في برلين على طلب قبرص فرض عقوبات على مزيد من الأشخاص على خلفية دورهم في عمليات التنقيب التي تجريها تركيا في مساحات مائية تطالب بها الجزيرة.

وحض بوريل أنقرة على “الامتناع عن التحرك بشكل أحادي” كشرط أساسي لإفساح المجال لتحقيق تقدم في الحوار، الذي تحاول ألمانيا لعب دور وساطة فيه.

وقال بوريل بعد المحادثات “اتفقنا على أنه في غياب التقدم من جانب تركيا، قد نضع قائمة بمزيد من القيود التي يتوقع مناقشتها خلال (اجتماع) المجلس الأوروبي في 24 و25 أيلول/سبتمبر”.

ولدى سؤاله عن طبيعة العقوبات، قال بوريل إنه قد يتم توسيع نطاقها لتشمل سفنا أو غيرها من الأصول المستخدمة في عمليات التنقيب، إضافة إلى حظر استخدام موانئ ومعدات الاتحاد الأوروبي وفرض قيود على “البنى التحتية المالية والاقتصادية المرتبطة بهذه الأنشطة”.

وأضاف أنه قد يتم النظر كذلك في فرض عقوبات واسعة ضد قطاعات بأكملها في الاقتصاد التركي، لكنه أشار إلى أن ذلك لن يتم إلا في حال لم تثبت التدابير المحددة ضد عمليات التنقيب فعاليتها.

ورحّبت أثينا بتطورات الجمعة إذ قال وزير خارجيتها نيكوس دندياس لوسائل إعلام يونانية “أعتقد أن الجانب اليوناني حصل على ما بإمكانه الحصول عليه عقوبات محتملة في حال لم تختر تركيا خفض التصعيد ولم تعد إلى الحوار”.

وأضاف “آمل بأن تعود تركيا إلى صوابها وتتوقف عن الاستفزازات وعن الأعمال التعسفية وانتهاك القانون الدولي“.

وصادق البرلمان اليوناني الخميس على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع مصر حيث تم التصديق على الاتفاقية بتأييد أغلبية النواب في البرلمان. وتم التوصل للاتفاق بين البلدين هذا الشهر، وصادق عليه بالفعل البرلمان المصري.

لكن أنقرة ردت بغضب قائلة إن دعم الاتحاد الأوروبي “غير المشروط” لما وصفتها بمواقف اليونان وقبرص “المبالغ فيها” تتجاهل مطالب أنقرة المشروعة وتشكل بحد ذاتها مصدر توتر.

وقال المتحدث باسم وزارة خارجيتها هامي أكسوي في بيان “في وقت تشدد تركيا كل مرة على الحوار والدبلوماسية، لن يساعد لجوء الاتحاد الأوروبي إلى لغة العقوبات في حل المشاكل القائمة بل سيزيد من عزيمة بلدنا”.

وتابع “إذا كان الاتحاد الأوروبي يرغب في إيجاد حل في شرق المتوسط فعليه التحرّك دون انحياز وأن يكون وسيطا صادقا”.

وفي محاولة للتصعيد اعلنت تركيا الخميس إنها ستجري تدريبات تتضمن إطلاق النار في شرق البحر المتوسط في أول يومين من شهر سبتمبر/أيلول المقبل وذلك في أحدث حلقة في سلسلة من التدريبات العسكرية التي أججت التوتر مع اليونان.

ورغم التحذيرات الاوروبية الجديدة لا تزال تركيا تمارس العربدة في شرق المتوسط حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية، الجمعة، اعتراض سلاحها الجوي 6 طائرات حربية يونانية من طراز “إف 16″، وإبعادها عن منطقة إخطار “نافتكس” التركية شرقي المتوسط.

وذكرت الوزارة، في بيان، أن أنظمة الرادار للقوات الجوية التركية كشفت الخميس، عن إقلاع 6 طائرات حربية من طراز “إف 16” من جزيرة كريت وتوجهها إلى إدارة قبرص.

وأكدت أن مقاتلات تركية من طراز “إف 16” اعترضت الطائرات جنوب غربي جزيرة قبرص، بعد اقترابها من منطقة سبق لأنقرة أن أعلنت فيها إخطار “نافتكس”.

وأضافت الوزارة: “تم التعرف أن الطائرات تابعة لليونان، وجرى إبعادها عن المنطقة”. مرفقة مقطعا مصورا لاعتراض مقاتلاتها الطائرات اليونانية وإبعادها عن المنطقة.

وتزامنا مع التصعيد العسكري التركي دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، حلف شمال الأطلسي “الناتو” “لتحمل مسؤولياته تجاه الخطوات الأحادية التي تتجاهل القانون الدولي، وتضر بالسلام الإقليمي شرقي المتوسط”.

وذكرت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، في بيان صحفي من قبل الوكالة الرسمية الاناضول، أن اتصالا هاتفيا جرى بين أردوغان وأمين عام “الناتو” ينس ستولتنبرج، دون أن تذكر من بادر بالاتصال.

وأوضحت الأناضول أن الجانبين بحثا التطورات في شرق البحر المتوسط. وقال أردوغان إن تركيا “ستواصل حماية حقوقها ومصالحها في كل زمان ومكان، وأنها تؤيد حلا عادلا يعود بالفائدة دول شرق المتوسط كافة”.

ويظهر جليا ان اردوغان لم يفهم تماما جدية التحذيرات التي اطلقها الاتحاد الاوروبي ما يشير الى مزيد من التدهور والصدام شرق المتوسط.

ويأتي هذا التطور بالتزامن مع المناورات اليونانية وفي إطار تحركات تركية تصعيدية في مياه شرق المتوسط تنذر باشتعال التوتر بين أنقرة أثينا وسط قلق دولي من مواجهات مباشرة بين الطرفين.

وحاولت المانيا التدخل للتهدئة بين انقرة واثينا حيث طالب وزير الخارجية الالمانية هايكو ماس الخميس كل من تركيا واليونان بوقف مناوراتهما العسكرية في شرق البحر المتوسط.

وتحاول ألمانيا منذ أسابيع الوساطة بين أنقرة وأثينا لكنها لم تحقق نجاحا يذكر حتى الآن، وكان ماس قد توجه الثلاثاء إلى اليونان وتركيا، لكنه لم يتمكن من تحقيق تهدئة بين الجانبين اللذين واصلا مناوراتهما العسكرية في المنطقة في اليوم التالي.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة إنه اتخذ موقفا صارما هذا الصيف فيما يتعلق بأفعال تركيا في شرق البحر المتوسط بغرض وضع خطوط حمراء لأن أنقرة تحترم الأفعال وليس الأقوال.

وشهدت العلاقات بين فرنسا وتركيا توترا خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب دور أنقرة في حلف شمال الأطلسي وليبيا ومنطقة شرق البحر المتوسط.

ودعا ماكرون الاتحاد الأوروبي لإبداء التضامن مع اليونان وقبرص في الخلاف حول احتياطيات الغاز الطبيعي قبالة قبرص وامتداد الجرف القاري لكل منهما، كما ضغط من أجل فرض مزيد من العقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من وجود انقسامات داخل التكتل بشأن تلك القضية.

وقال ماكرون للصحفيين في مؤتمر صحفي “عندما يتعلق الأمر بالسيادة في منطقة شرق المتوسط، يجب أن تكون أقوالي متسقة مع الأفعال”.

وأضاف “يمكنني أن أبلغكم أن الأتراك لا يدركون ولا يحترمون سوى ذلك… ما فعلته فرنسا هذا الصيف كان مهما: إنها سياسة تتعلق بوضع خط أحمر. لقد طبقتها في سوريا”، في إشارة إلى الغارات الجوية الفرنسية على ما يشتبه بأنها مواقع أسلحة كيماوية في سوريا.

وانضمت فرنسا هذا الأسبوع إلى مناورات عسكرية مع إيطاليا واليونان وقبرص في شرق البحر المتوسط مع تصاعد حدة الخلاف بين تركيا واليونان بعد أن أرسلت أنقرة سفينة المسح والتنقيب “أوروتش رئيس” إلى المياه المتنازع عليها هذا الشهر، في خطوة وصفتها أثينا بأنها غير قانونية.

وقال ماكرون إنه كان صارما ولكنه التزم ضبط النفس.

وأضاف الرئيس الفرنسي “لا أرى أن استراتيجية تركيا في السنوات القليلة الماضية تتسق مع استراتيجية دولة حليفة في حلف شمال الأطلسي… (وذلك) عندما تجد دولة تتعدى على المناطق الاقتصادية الخالصة أو تنتهك سيادة دولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي”، واصفا إجراءات تركيا بأنها استفزازية.

وتابع قائلا “كيف ستبدو مصداقيتنا في التعامل مع أزمة روسيا البيضاء إذا لم نتخذ خطوة إزاء الهجمات على سيادة الدول الأعضاء”.

وقال ماكرون “بدأت ألمانيا وشركاء آخرون يتفقون معنا على أن أجندة تركيا تثير المشاكل الآن”. ومضى يقول “منذ ستة أشهر كان الناس يقولون إن فرنسا وحدها هي التي تنحي باللائمة على تركيا في الأحداث. الآن يرى الجميع أن هناك مشكلة”.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى