اقتصاد

التوترات في البحر الأحمر تقفز بأسعار الشحن البحري

التوترات في البحر الأحمر تقفز بأسعار الشحن البحري….شركة الشحن الصينية ‘كوسكو’ تعلن تعليق عمليات الشحن إلى إسرائيل وهي أحدث شركة شحن ونقل بحري تتخذ مثل هذا القرار بينما علقت شركات عالمية رحلاتها عبر البحر الأحمر أو غيرت مساراتها إلى رأس الرجاء الصالح.

 قفزت أجور الشحن البحري بين آسيا وأوروبا والأميركيتين بنسبة وصلت إلى 173 بالمئة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بسبب هجمات يشنها الحوثيون على السفن التجارية في البحر الأحمر أجبرت العديد من شركات الشحن والنقل البحري على تغيير مسارها إلى رأس الرجاء الصالح وهي مسارات بعيدة ومكلفة ودفعت أخرى لتعليق إبحارها عبر المضائق المائية الواقعة في مرمى نيران الجماعة اليمنية الشيعية المدعومة من إيران.

التوترات في البحر الأحمر تقفز بأسعار الشحن البحري

وترفع مجمل هذه المخاطر أيضا كلفة تأمين الرحلات التجارية كما تؤثر على سلاسل الإمداد للعالم، بينما يعتبر البحر الأحمر ومضيقي باب المندب وهرمز من بين المسارات المائية الحيوية للتجارة العالمية ولإمدادات العالم من الطاقة.

وذكرت شركة ‘فرايهوتس’ متعددة الجنسيات والمتخصصة في عمليات الشحن ورصد البيانات المتعلقة بصناعة النقل البحر، في تقرير نشرته الأحد أن أسعار شحن الحاويات على المدى القصير بين آسيا وأوروبا والولايات المتحدة زادت بنسبة 173 بالمئة، بفعل انخفاض الطاقة الاستيعابية وذلك على إثر التهديدات المستمرة لسفن الشحن في البحر الأحمر.

ويتجاوز السعر الفوري لشحن البضائع في حاوية 40 قدما من آسيا إلى شمال أوروبا الآن 4 آلاف دولار، صعودا من متوسط 1900 دولار سابقا، بحسب الشركة.

وتابعت “بين أسواق آسيا والساحل الشرق الأميركي، ارتفعت الأسعار بنسبة 55 بالمئة تقريبا، إلى 3900 دولار للحاوية التي يبلغ طولها 40 قدما”.

وتحت عنوان التضامن مع قطاع غزة الذي يتعرض منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لعدوان إسرائيلي تدعمه الولايات المتحدة وعدة دول غربية، استهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن في البحر الأحمر تملكها أو تشغلها شركات إسرائيلية أو تنقل بضائع من وإلى إسرائيل.

وأعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تشكيل قوة عمل بحرية باسم “حارس الازدهار” تضم 10 دول، بينها دولة عربية واحدة هي البحرين، بهدف مواجهة الهجمات في البحر الأحمر.

وتستحوذ التجارة البحرية على 70 بالمئة من واردات إسرائيل ويمر 98 بالمئة من تجارتها الخارجية عبر البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. وتساهم التجارة عبر البحر الأحمر بـ34.6 بالمئة في اقتصاد إسرائيل، بحسب وزارة المالية.

وعلقت أكبر شركتين للنقل البحري في العالم وهما ‘ام اس سي’ و’ميرسك’ رحلاتهما التجارية عبر البحر الأحمر منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، واستبدلتا المسار برأس الرجاء الصالح جنوبي دولة جنوب إفريقيا.

كما ذكر موقع غلوبز الإخباري المالي الإسرائيلي اليوم الأحد أن شركة الشحن الصينية ‘كوسكو’ علقت عمليات الشحن إلى إسرائيل. وقال مسؤولو موانئ في إسرائيل إنهم يتحققون من التقرير.

وجاء التقرير الذي لم يتضمن تفاصيل عن أسباب القرار، في وقت تعطلت فيه الممرات الملاحية في البحر الأحمر بسبب الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران.

وليس واضحا ما إذا كان القرار الصيني ذو طابع سياسي في سياق الامتعاض من استمرار إسرائيل في عدوانها الدموي على غزة أم لأسباب أمنية بسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر.

والصين ليست ببعيدة عما يجري من الحرب المدمرة على غزة، إذ تسعى ليكون لها دور وثقل في أزمات الشرق الأوسط، خاصة وأنها عضو دائم في مجلس الأمن الدولي.

كما أنها الشريك التجاري الأول لمعظم الدول العربية والشريك التجاري الثاني لإسرائيل، كما أن مصالحها وتجارتها عبر مضيق باب المندب تأثرت بسبب التوتر في البحر الأحمر.

فالاقتصاد الصيني الذي يعتمد على كثافة التصدير في مختلف أنحاء العالم وخاصة عبر مبادرة الحزام والطريق، يتأثر بالأزمات الدولية عبر خطوط التجارة الدولية بين الصين وأوروبا عبر الشرق الأوسط، وبالأخص مضيق باب المندب البوابة الجنوبية للبحر الأحمر ومنه إلى البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس.

واستهداف الحوثيين لسفن الشحن المتجهة للموانئ الإسرائيلية إلى حين رفع الحصار عن قطاع غزة، يمثل مصدر قلق لبكين رغم أن الحوثيين لم يستهدفوا أي سفينة شحن صينية إلى غاية مطلع العام الجديد.

لكن ارتفاع أسعار التأمين على هذه السفن العابرة عبر مضيق باب المندب من شأنه أن يكون له بعض الانعكاسات السلبية على تجارة الصين وزيادة التضخم واضطراب خطوط التجارة العالمية.

وتستخدم بكين الموانئ الإسرائيلية كإحدى نقاط التوقف الرئيسية لبحريتها كما سلمت تل أبيب إدارة الجزء الشمالي من ميناء حيفا (شمال) إلى شركة سي بي جي الصينية لـ25 عاما، ناهيك عن حركة سفن الشحن الصينية نحو الموانئ الإسرائيلية، وفق الباحث الصيني في الشؤون الآسيوية تشاو تشي جيون.

لكن المواقف الصينية الإيجابية تجاه وقف الحرب على غزة وعلاقاتها القوية مع إيران، وعدم انضمامها إلى التحالف الأميركي “حارس الازدهار”، من شأنه ألا يجعل سفنها عرضة لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر.

وسيمنح ذلك شركات الشحن الصينية ميزة إضافية مقارنة بنظيرتها الأوروبية التي فضلت إتباع طريق الرجاء الصالح، بالالتفاف حول جنوب القارة الإفريقية، ما سيكلفها زمنا أطول وبالتالي أسعارا أغلى وتنافسية أقل.

وعلى صعيد آخر، تحاول الصين أن تلعب ببعض أوراقها الاقتصادية للضغط على إسرائيل لوقف الحرب مثل عدم إرسال عمالها إلى إسرائيل لملء الفراغ الذي يتركه استدعاء الاحتياطي وفرار مئات آلاف الإسرائيليين إلى الخارج.

وتعرقل الصين صادراتها ذات الاستعمال المزدوج (مدني/عسكري) إلى إسرائيل، وهو ما اعتبرته صحيفة ‘يديعوت أحرنوت’ العبرية، نوعا من العقوبات على خلفية الحرب في غزة.

وتقول الصحيفة نقلا عن مستوردين إسرائيليين إن “الصينيين بدؤوا في خلق صعوبات بيروقراطية للشحنات الذاهبة إلى إسرائيل من المكونات التي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية”.

وكانت شركة ‘او او سي ال’ الصينية للشحن البحري قد أعلنت وقف جميع رحلاتها من وإلى إسرائيل في البحر الأحمر “لحين إشعار آخر”، وفق وسائل إعلام، وقد مَثّل ذلك ضربة أخرى “غير مباشرة” للاقتصاد الإسرائيلي.

لكن هذه الضغوط الاقتصادية الصينية مازالت محدودة ولا تؤت بثمارها على صعيد وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، الذين يوجدون على شفى المجاعة.

وتسعى بكين وموسكو إلى كسر الهيمنة الأميركية وبناء نظام عالمي جديد، أمام امتحان حقيقي في حرب غزة، لإظهار ما لديهما من أوراق ضغط ونفوذ في منطقة الشرق الأوسط لتحدي أو على الأقل مزاحمة الولايات المتحدة في المنطقة أو الاكتفاء بدور دبلوماسي محدود، للحفاظ على مصالحهما السياسية والاقتصادية مع جميع الأطراف.

ولم ترضخ الصين إلى الدعاية الإسرائيلية ولم تأبه باعتبارات تل أبيب من قبيل “من ليس معي فهو ضدي”، ولا حتى بالضغوط الأميركية ورفضت إدانة المقاومة الفلسطينية واستخدمت حق النقض (الفيتو) ضد مشاريع أميركية في مجلس الأمن الدولي لإدانة حركة حماس وهجومها على مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة.

ودعمت كل مشاريع القوانين في مجلس الأمن الدولي الداعية لوقف الحرب في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المدمر، كما صوتت في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح وقف إطلاق النار.

ميدل إيست أونلاين

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى