تحليلات سياسيةسلايد

الصين تدعو الشعب لتخزين الغذاء كأنها تستعد للحرب

دعت الحكومة الصينية شعبها إلى تكوين احتياطات غذائية في وقت يحاول فيه البلد محاربة التفشي المحدود لوباء كوفيد 19 الذي يعطّل المواصلات، في أغلان مفاجئ يثير الريبة والحيرة في توقيته إلا أنه قد يكون بسبب أمرين، أولهما التوترات الجيوسياسية والتجارية مع الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي التي قد تؤثر على سلاسل الإمدادات الغذائية باعتبار الصين من أكثر الدول استيرادا للأغذية.

أما الأمر الثاني فقد يتعلق بعودة محتملة لموجات وبائية جديدة بعد الموجات السابقة التي تسببت في أضرار اقتصادية جسيمة على المستوى العالمي إلى جانب عدد قياسي من الوفيات حول العالم.

لكن الأرجح بحسب معظم التقديرات هو أن الصين بدأت تستعد على ما يبدو لمواجهة الضغوط الأميركية والأوروبية في سياق حرب تجارية لم تهدأ كان قد فجرها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من خلال فرض رسوم جمركية بنحو 25 بالمئة على سلع صينية قيمتها 200 مليار دولار.

وتصاعد التوتر في الفترة الأخيرة بين الصين والولايات المتحدة بعد أن تخلى الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن عن “سياسة الغموض الاستراتيجي” حيال تايوان معلنا أن بلاده ستدافع عنها عسكريا إذا تعرضت لهجوم صيني وهو موقف نددت به بكين، بينما سارع البيت الأبيض لاحتواء الأمر بأن أعلن أن لا تغيير طرأ على السياسة الأميركية.

وتايوان هي آخر ساحة تنافس بين واشنطن وبكين إلا أن هناك ملفات خلافية كثيرة بين القوتين النوويتين لم تفلح اللقاءات التي عقدت على مدار سنوات في حلها ولا تهدئة التوترات بينهما.

ويثير قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من أفغانستان ومن العراق وسوريا التي أصبحت على ما يبدو ملفات ثانوية في سياسة إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن، نقاط استفهام لعل أكثر إلحاحا هي ما إذا كان ذلك يندرج ضمن سياسة التفرغ لمواجهة الصين.

الصين تعتبر أكبر مستورد للمنتجات الغذائية في العالم ما يجعلها عرضة للتوترات الجيوسياسية مثل تلك القائمة مع مورديها الرئيسيين مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا

وأعلنت الإدارة الأميركية الديمقراطية منذ البداية أنها تضع الخطر الصيني على جدول أولوياتها. وفيما تبدو الحرب التجارية عنوانا لتلك الأولويات إلا أن كل السيناريوهات باتت مطروحة بعد أن أعلن بايدن أن واشنطن مستعدة للتدخل عسكريا إذا تعرضت تايوان لهجوم صيني.

وقد نشرت وزارة التجارة الصينية مساء الاثنين إعلانا على موقعها الإلكتروني قالت فيه “ندعو العائلات إلى تخزين كمية معينة من المنتجات الأساسية لتلبية الاحتياجات اليومية وحالات الطوارئ”، إلا أنها لم تحدد في بيانها سبب الدعوة ولا طبيعة حالات الطوارئ أو ما إذا كان البلد مهدّد بنقص الغذاء وهو ما فتح الباب للتأويلات وأشاع مجددا المخاوف إما من مواجهة عسكرية محتملة أو من تفشي وباء كورونا.

وتعدّ الصين أكبر مستورد للمنتجات الغذائية في العالم ما يجعلها عرضة للتوترات الدبلوماسية مثل تلك القائمة مع مورديها الرئيسيين مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.

وذكرت الصحف الصينية الاثنين أن أسعار 28 سلعة غذائية ارتفعت الشهر الماضي بنسبة 16 بالمئة عن الشهر السابق، بالاعتماد على بيانات رسمية.

ودعا الرئيس الصيني شي جينبينغ مواطنيه العام الماضي إلى التوفير منددا بهدر الطعام.

وتعرضت الصين في تاريخها لفترات مجاعة لا سيما في أواخر خمسينات وأوائل ستينات القرن الماضي عندما تسبب نظام الملكية الجماعية للأراضي الذي فرضه النظام الشيوعي بعشرات ملايين الوفيات في الأرياف.

وباء كورونا ضمن الحسابات الصينية

وجاء الإعلان الصيني مفاجئا بحيث أثار أسئلة كثيرة وحيرة تخطت الحدود الصينية بعد أن تنفس العالم الصعداء مع مؤشرات على انحسار الوباء عالميا وإن ظلت بعض الدول مثل روسيا تسجل أرقام قياسية من حيث الوفيات والإصابات.

ودعت وزارة التجارة الصينية أيضا مختلف السلطات المحلية إلى تسهيل الإنتاج الزراعي وتدفقه والإمدادات المطلوبة ومراقبة مخزون اللحوم والخضروات والحفاظ على استقرار الأسعار.

وتعطلت سلاسل التوريد بسبب الحجر الصحي في ذروة تفشي الوباء في مطلع العام 2020 في عدة أجزاء من البلاد وأُغلقت العديد من الطرق السريعة.

ومع اقتراب موعد دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في فبراير/شباط المقبل، تخشى الحكومة من تفشي الوباء من جديد واتخذت إجراءات جذرية في الأسابيع الأخيرة بعد ظهور حالات تفشي متفرقة في شمال البلاد.

وحُجر أكثر من ستة ملايين أشخاص لا سيّما في مدينة لانتشو الواقعة على بعد 1700 كيلومتر غرب بكين. ومع ذلك، لا يزال عدد الحالات الموثقة منخفض جدا مقارنة بالتقارير المسجلة في بقية العالم.

وأُعلن عن 71 حالة إصابة جديدة فقط الثلاثاء خلال الـ24 ساعة الماضية بعد تسجيل 92 حالة الاثنين وهو أكبر عدد إصابات يومي في الصين منذ منتصف سبتمبر/أيلول.

وتعرضت البلاد في الصيف الماضي لفيضانات عطلت الإنتاج الزراعي ورفعت الأسعار. ويرجّح أن يزيد التغير المناخي من تواتر هذا النوع من الكوارث الطبيعية.

ميدل إيست أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى