كلمة في الزحام

العالم يفقد صوابه

العالم يفقد صوابه… كل شيء بات يفاجئك أو يفجعك، من قلب ملاعب مونديال قطر التي تشهد تراجع وترهل أساطين الفوتبول التقليدية لصالح منتخبات لم يكن لها باع في الساحرة المستديرة، إلى دراسة حديثة تثبت أن نبات القنب، سيء السمعة، هو بمثابة المطهر للطبيعة، حيث يسحب السموم من الهواء ويحبسها بشكل دائم داخل أليافه.

مفاجئات الرياضة والسياسة وعالم المال والأعمال “بلعناها وهضمناها”، أمّا أن يتحول القنب الهندي من مخدر بشري إلى منقذ مناخي، فهذه والله، لم نحسب لها حسابا.

وبناءا على ما تقدم، ينبغي لكل من تهمه سلامة كوكبنا الأزرق أن يحيط نفسه وبيته ومدينته بأكبر محصول ممكن من “الحشيشة المحسوسة” كما سماها سيد درويش في إحدى طقاطيقه.

ولأن أفضل طريقة لزيادة وفرة أي محصول زراعي هي التشجيع على استهلاكه مثل أي عادة غذائية، فإن من  مصلحة البشرية جمعاء أن”يسبح كل فرد فيها ويسرح في السديم” محلقا مع دخان تلك النبتة الملعونة ذات التأثير “المدوّخ المُسطّل” من جنس كاسيات البذور.

هذا ما يقوله المنطق الصوري على الأقل، ولم آت بشيء من بنات أفكاري ولا من “بنات أذنيّ” والعياذ بالله، فأنا لم أجرّب هذه البذرة في تونس التي يقبع في سجونها المئات من المدونين والطلبة والفنانين ومغني الراب، بتهمة تعاطي هذه النبتة، ولو لأول مرة وبكمية خفيفة، وذلك  بسبب قانون قاس أدانته بدورها، “هيومن رايتس ووتش”.

المشكلة أن جل الناس في بلادنا يتهافتون على كل ما يُذهب العقل، وحجتهم في ذلك “أنّ ذا العقل يشقى..” ثم أن لا بأس من بعض “نعمة النسيان” في هذا العصر المكشر عن أنيابه ومخالبه، وفق تبرير بعضهم.

ليس بالأمر الهيّن أن نناقش على مساحة ضيقة قضية أعيت من يداويها حتى عدّلت بعض الدول من قوانينها عملا بمبدأ: إن أردت أن تحاصر معضلة فاعمل تيسير حدوثها وفق معادلة كل ممنوع مرغوب.

وفي هذا الإطار، أصدرت نيويورك أول 36 ترخيصا لبيع القنب، في خطوة كبيرة نحو إنشاء سوق قانونية ومربحة لبيع القنب لأغراض ترفيهية، مع تخصيص العديد من تراخيص الجولة الأولى للمتقدمين ممن أدينوا في السابق في جرائم تتعلق ببيع الماريغوانا.

وبالعودة إلى المزايا المكتشفة للقنب في صحة المناخ ومنعه للاحتباس الحراري، فإننا إذ نجدد التزامنا بعدم الانخراط في أي نشاط دعائي لكل ما يُذهب العقل والصحة والمال، نعيد طرح السؤال الذي سوف يظل يواجه به الإنسان نفسه بعد كل اكتشاف علمي أو أي إنجاز بشري يدحض ما جاء قبله من حقائق كانت تبدو لنا ثابتة ولا تتحمل التشكيك: هل فقد العالم صوابه؟

الجواب قد يأتيك من أحد الحريصين على سلامة المناخ بعد السيجارة الثالثة.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى